أمي / قصيدة للشاعر المجري : كاروي باري

أمي / قصيدة للشاعر المجري : كاروي باري




للشاعر المجري: كاروي بَاري
ترجمها عن المجرية: عامر كامل السامرائي

لن تَخونَ أبداً تلك الأخاديد
الغائرة في عمق الأرض،
تطرقُ الوحشةُ الخرساءُ بابها
كالذئاب كلَّ ليلة،
فتُدخِلها، وتُرقدها بجانبها في السرير،
ومن فناء دارِها
تطردُ القططُ البردَ،
بمخالب كالمذراة،
تنزلُ في البئر لتُمسكَ القمر،
تجيءُ به، وتُعلّقهُ في مطبخ أمي: أضيء!

تجلسُ أمي في مطبخها
تتلوّى في كفِّها وردةٌ
يقضمُ ضفيرتَها
شعاعُ القمرِ المُسمرُ على الحائط:
فتلمع عِقصتها في ضوئه.

تصدح في شُبَّاكِها دِيَكةٌ بريّةٌ،
لتوقظ الفجرَ
بحناجرَ لُحِمَتْ بنارٍ،
وأمي جالسة،
ألا تراها؟ وقد انتحى ابنها بنفسه جانباً
لا يأكل، يملأ قصائده بالنحيب،
يملأ قصائده بالنحيب، قصائده.

في الأخاديد الغائرة في عمق الأرض
ستختبئ مَرّة،
سأبحث عنها:
وسأنزع بأسناني عن وجهها
كلَّ القبلات المتخثرة كالحجر،
وعن عظامها صَريفَ محراثِها الذي وَرِثْتُه.



نبذة عن حياة الشاعر:

ولد الشاعر كاروي باري (Bari Károly) عام 1952 في جمهورية المجر، في قرية جبلية صغيرة تابعة لمحافظة بورشود تدعى بوك أرانيوش، من أبوين غجريين لهما سبعة أطفال كان كاروي خامسهم.
بعد إنهاء مرحلة الدراسة الابتدائية التحق بالمدرسة الثانوية في مدينة ميشكولتس (مركز المحافظة التي ولد فيها)، ومن ثم درس في معهد الفنون المسرحية في محافظة ديبريتسن. وبعد التخرج درس الآداب في جامعة كوشوت لايوش في العاصمة بودابست.
كان لا يزال طالباً في الثانوية عندما صدرت له أول مجموعة شعرية وقد لاقت نجاحاً عاصفاً بحيث طبعت مرتين خلال عامٍ ونصف العام تقريباً.
في منتصف السبعينيات تم منع طباعة ونشر قصائده بسبب محتواها السياسي، وسجن على إثرها في واحد من أشد السجون حراسة في المجر، يدعى (نجمة سَكَد). بعد إطلاق سراحه تم تهميشه في المجتمع الأدبي لسنوات.
كان شاعراً وفناناً تشكيلياً ومترجماً للشعر المعاصر. كتب عن الفولكلور، والتقاليد الغنائية والقصيدة الملحمية الشعبية الغجرية. عرضت لوحاته الفنية لأول مرة في معرض بمدينة غودولو بالقرب من العاصمة بودابست، وفي وقت لاحق، عرضت في العاصمة بودابست أيضاً، وفي مدينة ديبريتسن ومدينة سَكَد وباريس وبرلين وستراسبورغ.
تنشر قصائده بانتظام في عدة لغات أجنبية وفي العديد من المجلات والمختارات الشعرية الأجنبية. نشرت أعماله أيضاً في طبعات خاصة مستقلة ومن قبل جامعة بولونيا في إيطاليا، وفي فرنسا، ومؤسسة روتردام الهولندية، وباللغة الألمانية في برلين، كما طبعت بعضها باللغة الإنكليزية في سان فرانسيسكو.
حصل على جائزة الشاعر المجري "يوجيف أتيلا" عام 1984، وجائزة الأديب "ديري" عام 1992 من مؤسسة الملياردير المجري "شورش"، والجائزة الأدبية لجمعية وسط أوروبا C.E.T عام 2000، وجائزة "زولتان كوداي" عام 2001.
أهم أعماله الشعرية : 
- "فوق وجوه الموتى" صدرت عام 1970
- "النار المنسية" عام 1973
- "كتاب البكم" عام 1983
- "إحدى وعشرون قصيدة" عام 1993
- وله كتاب فخم صدر عام 2019، يحتوي جميع أعماله الشعرية مع جزء كبير من لوحاته الفنية، وقصص من تراث الغجر.

تقييم النص

يجب تسجيل الدخول أو التسجيل كي تتمكن من الرد هنا

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد ! كن أول المعلقين !

التعليقات

إدراج الإقتباسات...