إسترخاءٌ على مواقد الجَمْر / الحلقة الرابعة / الأسرة والمثقف والغد

إسترخاءٌ على مواقد الجَمْر / الحلقة الرابعة / الأسرة والمثقف والغد


مغذياتنا اليوم هي وسائل عطائنا غداً. أول مجتمع يواجه الفرد هو الأسرة. ان العالم يهتز فهل تهتز الأسرة وهي النواة الأولى في تكوين هذا العالم؟ لقد قامت ثقافات على أساس طبيعة الأسرة. فهل ستهتز الثقافة باهتزاز الأسرة التي تنشئ المثقف أو التي ينشئها المثقف؟ ان التاريخ يحدثنا عن مفكرين ومثقفين مبدعين عانوا في بواكيرهم من التشرد الأسري والضياع العائلي. فهنا أديب نشأ ابنا غير شرعي لأم سائحة. وذلك فنان أودعه أبوه أو أمه دار رعاية خيرية في سنواته الأول. وتلك راقصة من بنات الليل تحولت الى كاتبة في أدب الالتزام والمعقول. فلذا كان في الامكان نشوء كبار في الأدب والنفس والعلم من دون أية حاجة الى أسرة. فلماذا نؤكد دورها في حياة الفرد الصغير؟ ان هذه المسألة من المسائل الخطيرة في دفتر الانسانية وقاموس الكون والعلاقات. ان مدرسة التحليل النفسي تؤكد اقتسام الفرد حياته على المراحل، الفمية والشرجية والجنسية المبكرة والكمون والمراهقة. وتقول تلك المدرسة بوجوب تحقق حالات الاشباع الفردي لهذه المراحل دفعاً لغائلة الحرمان ونشوء التعويق وتثبيت صورة الفرد على مرحلة من مراحله الاولى غير المشبعة. فأين تقف تلك المدرسة من الحالات التي مرت تمثل هذا الحرمان فتختطه منتصرة واستطاعت ان تتجاوز المحنة الفردية المبكرة؟ هذا هو المدخل الصحيح الى مناقشة الأسرة ماضياً وحاضراً ومستقبلاً ومناقشة أثرها في الثقافة ومناقشة موقف التحليل منها. ان مدرسة التحليل النفسي مدرسة غريبة فلنبدأ بدراسة مقارنة للأسرتين، الغربية والشرقية. ان الأسرة الشرقية في بنيتها ومضامين علاقاتها تختلف عن الأسرة الغربية، فالأخيرة هذه وصلت الى الذي وصلت اليه بمقومات تاريخية دخل فيها الدين والاجتماع والسياسة والاقتصاد دخولاً مختلفا حتى صارت لكل منها ذاكرة خاصة بها لكن المخيف الان هو أن الأسرة الشرقية بدأت تختزل المسافات لاهثة وراء الاسرة الغربية. ان الاختزال مسألة في غاية الخطورة. ان الحضارة الغربية تفصل بين سلوك المثقف وثقافته، فله من الخصوص ما يهمه ويعنيه وللناس منه عطاؤه الثقافي حسب. لكن حضارة الشرق، وفيها العرب، لا تفصل بين سلوك المثقف وثقافته، بل تحاسبه حسابا عسيرا في الثقافة على سلوكه وفي سلوكه على الثقافة. هنا يبدأ الحصار الثقافي معلنا على الفرد الشرقي والعربي منه. من هذه العلاقة بين خاص الفرد وعامه، ينشأ دور الأسرة ودور الخوف على الفرد من ضياعها. الناس هنا لا يحفلون بشعر شاعر ممزق العائلة وساقط السلوك مهما بلغ في الجسد الشعري علوا وعطاءً. والناس هنا لا يتسامحون مع الفنان المبتذل لصالح فنه وان عظم. معنى هذا ان دور الأسرة الشرقية في مثل هذا المجال دور كبير. من هنا بدأ المثقف الشرقي يحتاج الى الأسرة. ان الأدباء الشرقيين الذين يدّعَونَ الصعلكة وحياة المواخير وأجواف الليل هم أوائل العطشى الى ما وراء العائلة المستقرة والمرأة الدافئة والبيت العامر. انهم يوهمون انفسهم قبل غيرهم انهم ثائرون على رقابة الليل العائلي، حتى اذا ما وجدوا ضالة في امرأة أو بيت، سقطوا خاشعين. فكيف اذا اهتزت الأسرة والعالم يهتز؟ ما الذي نخافه من الغد على الأسرة؟ نخاف عليها من الجوع، الجوع هو أقصر الطرق الى يوم القيامة. ان العالم لم يتجه الى الاحتكار واختلال توازن التوزيع والعدالة الاجتماعية ويتجه الى ظهور القصر الشاهق جوار الكوخ المغمور. ان المال ضروري للاسرة وللمثقف فيها فكيف ستسير الأسرة في عالم يسوده الاختلال الاقتصادي؟ 

وتخاف الأسرة من تسارع الذوق الحضاري بين افراده. حين يقع افرادها ضحايا الاختلاف في التوافق والابتعاد عن المعدل المقبول لتحقيق روح الجماعة. صحيح أن الأبناء يختلفون عن الآباء، لأن مفردات التحول تختلف، لكن وشيجا واضحا من سمة التلاقح بين القديم والجديد يجب أن يظل قائماً. ان الآباء يلحون على التوافق، والابناء يحاربونهم، ولأجل ذلك فان تحديث القديم في العلاقات يجب أن يقوم بسحب الأبناء قليلاً الى الوراء لابطائهم في تسارعهم. ونخاف على الأسرة من نسيان اللغة. لقد ظهر الظرف الذي تجد فيه الأب يتكلم فصيح اللغة فلا يفهمه ابنه. ويتكلم ابنه بعصرنة لغوية لا يفهمها ابوه. ونخافُ على الأسرة من القطع التاريخي وتشوه تاريخ العادة الفاضلة حيث تنقسم الأسرة على جيلين. جيل احدب الظهر يزحف الى الوراء وجيل معتدل القامة يركض الى الامام لكنه معصوب العينين. ونخاف على الاسرة من التمدن الكاذب. وهو التمدن قبل النضوج، بلغة أخرى نسميه بــــ "التمدن العاطفي لا العقلي". ونخاف على الأسرة من اختلاف اقتصاد مطبخها عن مطبخ المطعم الخارجي. ان الناس الذين تعلموا قضاء شيء من الوقت في المطاعم العامة يأكلون ويشربون ويلتقون أصدقاءهم، سينهرونَ الى بيوتهم، اتقاء ارتفاع الاسعار، فيتحول البيت الى حانة "للكحول" وفي ذلك يكمن الخطر على الطفولة التي اباؤها يترنحون تحت مطارق السكر والابتذال. ونخاف على الأسرة من مسألة المهر. ان الكثيرين، وفيهم دوائر القضاء الشخصي، يرون ان التساهل في المهر سيؤدي الى الزواج وبناء الأسرة. لكنني هنا أضيف الى هذا المطلب، ضرورة الارتفاع بوعي الرجل الى مستوى قدسية الزواج. فالمهر الغالي، في كل ما يحمله من جناية، يصبح ضرورياً في كبح جهل الذين يستغلون سهولة المهر في انشاء أسر كثيرة من رجل واحد يستحيل الى أداة تفريق، وتفقيس للأبناء من دون اية احتسابات لما تتطلبه تربية الابن الواحد من مسؤولية. ان الأب هو ظل الله على أبنائه، ولكنه في كل ذلك يظل انسانا لا الها وربما تخونه صعوبة توزيع العدالة. ونخاف على الأسرة من أن تكون مصدر تسويق لأبناء معوقين في العقول والعواطف. ان الشاعر، ابن الأسرة الممزقة، سيكتب عن حرمانه الطفولي وسيظل الشعر بكاء والقصائد ابتهالات حزن على رصيف الانسانية. افهذه هي مهمة الشعر؟ اننا نخاف على الاسرة من أن تكون مصدر ازدراء ثقافات ابنائها. فالأسرة الريفية لا ترى في ثقافة الفن شيئاً وقوراً، والأسرة التجارية لا ترى في ابنها الشاعر ابنا بارا، والأسرة الطبية لا ترى في ابنها الرسام أو العازف فرعا حاملا لسمة شجرة العائلة. هذا هو التخلف فكرا وتطبيقا. ونخاف على الأسرة من صغر العالم وشيوع الهجرة والسفر الطويل. ان السفر حضارة لكنه يحمل التمزق والتفكك لآصرة الفرد بالأسرة، وآصرة الأسرة بالفرد. ونخاف على الأسرة من نسيان المكان الأول والأرض الأولى، والسماء الأولى لأنها جميعها علامات فارقة للوطن العزيز. ونخاف على الأسرة من استمرار روح التصابي في الأب والأم لان وقار الخبرة واكتساب العقلانية ضروريان لرعاية الابناء عند محاسبتهم على الصغيرة والكبيرة من اللذة. هذا هو ما يحمل الخوف على الأسرة في عالم يعاني الاهتزاز، فأين هي حصة الخوف من مصير أسرة المستقبل على الثقافة، على العلوم والفنون والأداب. ان سليل الاسرة الممزقة مثقف ناقص لأنه لا ينطلق من مواقع الارتواء والاشباع التي تغني الفرد، ولانه لا يكتب الا بذاته، فيها من الالم الخاص ما يفوق الالم الاجتماعي العام. ان الادباء الصعاليك لا يمثلون حالة الاختيار بصعلكتهم، انما يعبرون بها (لا شعوريا) عن رفض عميق لبناء أسري متهاو انجبهم وقذف بهم في ليل الحياة الطويل. انه لفرق واضح بين حضارتين غربية وشرقية، فالغرب الذي قبل بنظام أسرة تنجب القليل من الأبناء وتعلمهم حالة الفراق المبكر بين الآباء وأبنائهم، هو غير الشرق الذي قبل بالعيش في بيت يشهد فيه الأحفاد مآتم اجدادهم. لقد انطلق الأديب الغربي من الشارع، من المقهى، من الملجأ، من دار الحضانة، على نحو قوي فيه اقليمية الذات وعالمية التصوير. هذا هو أحد اسباب انتشار الأدب الغربي على مساحة أوسع من الادب الشرقي. ان الاديب العربي يصف بيتَهُ كأنه موطنه ويرى كل مفردات الوطن في بيته. لكن الاديب الغربي يصف العالم كأنه بيته. أيَ الاثنين أفضل اعتقد ان (البيت – الوطن) اكبر من (الوطن – البيت)، لان محدودية الوعي البشري وطفولة العقل الانساني، تحتِّماه أن نبدأ بأضيق حلقات التصور وأقربها الى المخيلة. كيف يتحقق ذلك غدا حينما تمر الأسرة الشرقية باهتزاز شديد ضمن عاصفة التغيير التي تجتاح العالم؟ هنا يجب تأكيد دور الأسرة من جديد والا فالكارثة قادمة، هل يصلح الأديب، سليل التمزق الاسري، أن يكوّن أسرةً من جديد؟ انه امتحان قادم لذات المثقف أمام واحد من خيارين: خيار الانتقال من ماضيه أو خيار الغاء الخطيئة الأولى والبدء من جديد. ان الاسرة الممزقة تضخ السوق بالبغايا والمعطلين وانصاف البشر وحين تلتئم الاسرة، يختفي هؤلاء من قارعة الطريق. من المؤكد، ان صعلكة الشرقيين تختلف عن صعلكة الغربيين، فــــ (طرفة بن العبد) و(الشنفرى) صعلوكان من العرب، و( بودلير ) و ( لوركا) صعلوكان من الغرب، لكن أدب طرفة والشنفرى غير أدب بودلير ولوركا في حسابات كيفية التمرد على الذات والاسرة والحياة والكون والمصير. وفي الأسرة الممزقة تشح مصادر الثقافة الى حد يصبح وجود الكتاب في البيت أعجوبة من العجائب. والهاربون من أجواء الضياع الاسري هم اللاجئون الى الثقافات الناقصة التي تعتمد النظرية من دون التطبيق والتي تفقد الاستحالة الى ممارسة حضارية. ان (الثقافة بالملعقة) و(الثقافة بالقطارة) هي أو هما ثقافة المجلة والجريدة وثقافة الفيديو، تلك الثقافة المقطمة التي لا يمكن ان يسد شاغرها الا الكتاب. ان جيلا مصابا بــــ (البللاكرا) ويعني بها (الشيخوخة في الطفولة) شائعة في كتابات المطمئنين اسريا لأنهم تعدوا الكتابة عن مرحلة (الفيزيقا). ومرحلة الحاجات الابتدائية في المأكل والملبس والأمن والسكن. انهم يختلفون في ذلك عن الضائعين المشردين الذين ينشغلون بالمحسوس وهمومه عن اللا محسوس وهمومه. هؤلاء حرمتهم البواكير الاسرية الصعبة من العيش السليم فحرمتهم من الانطلاق الى أبعد من حدود المرئي والمسموع والملموس. تصور معي شعر الشاعر العربي في امرأة المهنة (القصيدة). ان كل شعره يصب في بوتقة لقاء نهائي بها. أعني: الارتباط وانشاء الأسرة. وحين يتم له ذلك، يتغير في شعره مثل تغير شعره فيه، حين يكتسب هذا نمطاً آخر ورؤية أخرى. والذين احبوا ولم يتزوجوا بمن احبوا، ظل شعرهم وادبهم مادة للتعبير عن الحرمان. الى الآن لم يتغن شاعر عربي بامرأة تخصه على نحو ما يشير اليه بتجريد واضح من مطالبة الانتماء الى تلك المرأة. فهو لا يصفها الا على انها أمنية من أمانيه النهائية، بلغة أخرى: انه يسقط الامنية على الادب ويعلق الأمل على الممكن حتى تجيء صورة الوصف ذاتية في النص، وذاتية في الرغبات، وذاتية في مفهوم الــــــ(أنا) التي يحققها اللقاء النهائي (الزواج) وتشكيل الأسرة. ان الاديب الغربي يصف المرأة واحدة من حاجاته، وقطعة من حقيبة سفره (ارجو أن ينتبه القارئ على ان البكاء على الأطلال سمة من سمات الشعر العربي يمتاز بها على غيره). على ان الأديب الشرقي والعربي خاصة، يصف المرأة محطة نهائية لطوافهِ وتجواله، ومرفأ اخيرا لسفائنه، بمعنى آخر ان الاديب الغربي لا يكتب عن (المرأة – الأسرة)، بينما يكتب الأديب العربي عن المرأة وفي ذهنه الأسرة. ولكي نقدم الى الغد وعالم الغد مثقفا نظيف الطوية من عقد اليوم، نبدأ بالأسرة التي أنجبته لتكون صحيحة القوام وعلى معايير مرموقة من التماسك. هنا ينشأ اعتراض لدى بعضنا على جدلية العلاقة بين المثقف ومن انجبه. ان مبدأ (العصامية) قد يمنع الفرد من السقوط على الرغم من نشوئه في اسرة ممزقة. فربما يثور الفرد –بفضل ثقافته أو قل تثقيفه- على واقع يكون هو المسؤول عنه. فهناك أشياء ورثناها كالشكل واللون والطول واخرى اكسبونا اياها كالاسم واللقب. ولكننا نثور على هذه السمات بثقافة مضادة لثقافة الوراثة والمكتسب. امام هذا الاعتراض، ينبغي ان نتذكر (العامل الذاتي الفردي) الذي خلق الثورات والقيادات والتغيير على الرغم من كل صعوبات الواقع. كم منا من يستطيع التعويل على هذا العامل امام هزات التمزق العائلي وضياعه؟ بقي أن نسأل سؤالا اخيرا: ما علاقة اسرة المثقف بمعيار المثقف الاخلاقي في كتاباته؟ بلغة اخرى: هل تحصن الاسرة ابنها ضد انشراحات القلم وتداعيات الفكر الى اخلاق اخرى لا تمثل مجتمعها بلغة اخرى: هل يمكن ان ينشأ أديب أو مثقف غير انتمائي الى قيم من أسرة ذات قيم. اعتقد أن هذا الأمر ممكن. فلقد اختار مثقفون طريقة غير طريقة أسرهم وتبنوا مواقف غير التي كانت لأسرهم، آبائهم وأمهاتهم. ان هذا يخضع مرة أخرى للعامل الذاتي الذي ذكرناه والذي يقود الى ظهور الفوارق الفردية، لأن الخبيث قد يرث الطيب كما قد يخرج الطيب من الخبيث. ان هذا الاختلاف بين الوريث الثقافي وموروثه هو المسؤول عن تغيير ما نسميه بــــــ (اخلاق الثقافة) بعيدا عن الصورة الفنية التي تطرح الثقافة بها نفسها على الملأ. ان السيرة الذاتية لكل من برز في مجالات المعرفة مطلوبة دائماً لأنها جزء من مطالبة ثقافة الشرق مثقفيها بوشيج الصلة بين سلوكهم وثقافتهم. ان تحايلا واضحا واتفاقا كبيرا كانا وظلا يظهران في السيرة الذاتية التي يكتبها مثقفون بأنفسهم عن أنفسهم حتى غدت سيئات كثيرة حسنات وفضائل تحت طائل التبرير والذرائعية أو التزييف والنكران. والذي نسجله من حسنة لتاريخ السير الذي كتبه الغربيون، الأدباء والشعراء، عن أنفسهم، أنهم كتبوا ذلك بصراحة وتجريد في ذكر تواريخ أسرهم وصعوبات مواقفها في الفضيلة والشرف والمعيار الاجتماعي والجوع والفقر من دون أن يشكل هذا أية عقدة سلوكية لهم. فهل ظهر في أدباء الشرق ومثقفيه من استطاع أن يكتب سيرته بصدق فيأتي على الحقائق كاملة فيخرج منها معافى؟ ان تاريخ الناس يكتبه ثلاثة: حاقد يشوهه ومحب يجمله، وصاحب قضية يدافع عن اخطائه. أمام كل الاستراتيجيات التي قادتنا الى فحص العلاقة بين المثقف وأسرته والى فحص مستقبل كل منهما وأثره في الآخر. نود أن نضع بعض الاشارات حول أسرة الغد ومثقف الغد حين يبحث كل منهما في الآخر فنقول: ان المجتمع مطالب بأن يعيد النظر في علاقة المثقف بأسرته وأن يفتح ملف هذه القضية من جديد. فالرجم المستمر للفرد بخطيئة ابائه واجداده في المنزلة الاجتماعية جريمة بحق هذا الفرد في عطائه الثقافي، والمجتمع مطالبٌ بأن يخفف من شدة تأكيد العلاقة بين السلوك والثقافة. لان للمثقف حقاً في أن يكون مع نفسه ولنفسه بعضاً من الوقت ضمن ما يمكن أن يكون فيه مسيئاً الى غيره. لقد مارسنا حظراً على اصحاب الاسماء الكبيرة ولاحقناهم بمن يحبون وترصدنا أشكالهم في الأسواق ورصدتهم عيوننا في الحل والحال حتى صار الواحد منهم يتمنى أن ينزع عنه ثياب الشهرة خيراً له ألف مرة من أن يدفع ثمنها رقابة عليه في كل مفردات سلوكه اليومي. والمثقف مطالب من جانبه أن يكون موازنا بين ما له من حق في الخاص وما عليه من واجب في العام. واذا لم تتحقق هذه الملاحظات في المجتمع تجاه المثقف وفي المثقف تجاه المجتمع، فان غدا مأساويا ينتظر الأسرة التي تنتج المثقف ثم تقتله كما ينتظر المثقف الذي يعد أسرته بعطاء معرفي فينوء بحمل ما وعد غيره.

تقييم النص

يجب تسجيل الدخول أو التسجيل كي تتمكن من الرد هنا

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد ! كن أول المعلقين !

التعليقات

إدراج الإقتباسات...