مسرحية "سرير بإيقاع ساخن" (صراع بين الروح والجسد )

مسرحية "سرير بإيقاع ساخن" (صراع بين الروح والجسد )


علي الرغم من أني قارئ لمعظم نصوص الكاتب المسرحي العراقي عمار نعمة جابر إلا انني ولأول وهلة من مطالعتي لعنوان نصه (سرير بإيقاع ساخن ) أدركت أن لكل كلمه دلالة في هذا العنوان فالسرير هو (المكان /الميدان /المختبر/غرفة النوم  ) الذي اعتاد عمار  ان يجرده في أغلب نصوصه ، أما كلمة إيقاع تدل علي (النظام /الأيديولوجيا )وتحمل الزمن /اللحظة /الوقت المحدد ، أما كلمة ساخن دالة على:  التفاعل/الجدل /الصراع 

اي ان عنوان النص يطرح تساؤلات لدي القارئ المتلقي ، قد لا تحقق أفق التوقع الخاص لهذا المتلقي الذي لن يدرك من قراءته لعنوان النص ، ان عمار نعمه جابر يذهب به الي صراع بين الجسد والروح ، في تناص لا اعلم هل استلهمه الكاتب من قراءته لكتاب (الروح والجسد ) للعالم المصري د. مصطفي محمود ؟ ام من تعاليم الأديان  ؟ ام من كتابات الفلاسفة متأثرا بأفلاطون .

إن اللحظة التي عمد عمار الى مسرحتها ، هي لحظة في حياة قعيد أو عاجز عن الحركة ، مسجي علي سرير ، يتجادل فلسفيا مع والدته ، ليبين فكرة أفلاطون  للنفس البشرية ، بوصفها جوهرًا مستقلاً عن علاقته بالجسد ، وقائمًا بذاته ومتميزًا عنه ، وبالتالي فالنفس قديمة في وجودها ، قبل أن ترتبط بالجسد وتحل فيه ، وهي أيضًا خالدة بعد أن تغادر الجسد عند الموت . فالنفس عند أفلاطون تكاد تقترب في التشبيه مع ما هو إلهي وأزلي ، لا يتغير ويتسم بالمعقولية . تلك كانت أهم الصفات الرئيسية التي تتميز بها النفس البشرية لدى أفلاطون عمومًا .

 ويقوم أفلاطون بتقديم محاولة يوفق من خلالها بين فكرة حلول أو وجود النفس داخل الجسد ، وهي بذلك تشاركه في الوجود المادي أو الحسي ، وبين فكرة أن النفس خالدة وأزلية وثابتة من جهة أخرى . لذلك فإن النفس البشرية لديه تعتبر بمثابة وسيط يربط بين العالم المعقول أو المثالي ، أو ما يسميه أفلاطون (عالم المُثل)، وبين العالم المادي المحسوس . إنها تشبه تلك المُثل والأفكار الأفلاطونية في كونها لا تنتمي لما هو مادي أو مرتبط الحس والجسد، وكذلك فهي تشبه الأشياء المادية والحسية نتيجة لأنها تحتل حيز أو مساحة في المكان. ولكي تتضح فكرة العلاقة بين النفس والجسد لدى أفلاطون ، فإننا نجده يقسم النفس البشرية إلى ثلاثة أقسام في نظرية شهيرة، هي النظرية الثلاثية في النفس البشرية، فماذا تكون تلك الأقسام؟ الجزء الأول من النفس هو الجزء العقلاني (العقل). وهي مرتبط بمهام الإدراك والتفكير والتعقل ومعرفة عالم المُثل . ويتسم هذا الجزء من النفس بأنه أزلي وخالد ولا ينقسم إلى أجزاء أخرى . وتتمركز تلك القوة العاقلة في رأس الإنسان وتتخذ من الحكمة الفضيلة المثالية لها. أما الجزء الثاني من النفس فهو مرتبط الجانب العاطفي أو الانفعالي، وهو ما يسميه أفلاطون بالقوة الغضبية. وتتمركز تلك القوة في القلب وصدر الإنسان حيث تمثل الحماسة والشجاعة والعواطف والانفعالات المختلفة الفضيلة المميزة لها. أما الجزء الأخير من النفس الإنسانية فهو المرتبط بالشهوة الجسدية والتي تتخذ من أسفل البطن مركزًا لها وبالتالي تسعى إلى تحقيق الفضيلة عن طريق العفة.

إن نص عمار نعمة جابر لم يسعي فحسب الي مناقشة فكرة أفلاطون علي المستوي الفلسفي بل ناقشها من خلال الموروث والمقدس في التعاليم الدينية ، بيد أن النص الذي مسرح لحظة جدا فلسفي بين ابن قعيد على سرير مع امه ، في تصوير للهامشي والعرضي تطرق الى إشكالية خطيره وهي تطرف   (المتثاقف) الذي يتبني فكرة وبدغمائية يشرع في تنفيذها ، فيصدمنا الكاتب في ختام نصه ان شخصية الأبن المثالي التي تؤمن بالروح وخلودها ، والساعية الي تحقيق الفضيلة ، تتطرف في محاولة التخلص من ثقل جسدها في انتحار ! معلنة حلول قيم جديده في المجتمع ، هي قيم التبادل التجاري ، قيم الميكافيلية ، الغاية تبرر الوسيلة .

لكن السؤال الذي يطرحه النص ، هل لو تخلصنا من ثقل أجسادنا ستعم الفضيلة ، في زمن انعدمت فيه قيم الحق والخير والجمال ؟ او بمعني آخر هل ستستكين ارواحنا في ظل قيم السوق والتبادل التجاري ال ما بعد حداثي ؟ .

 

  • لقراءة مسرحية ( سرير بايقاع ساخن ) زيارة الرابط التالي :
  •  

https://ammarnemajaber.com/مسرحية-سرير-بإيقاع-ساخن/?fbclid=IwAR15pASWdtSLt6YhylJ485CvbsVEPAetiY-o9Og_pdwBYtTTh_A5lntOWlI

 

 

نبذه حول الكاتب

كاتب و قاص ومخرج و ممثل من جمهورية مصر العربية

تقييم النص

يجب تسجيل الدخول أو التسجيل كي تتمكن من الرد هنا

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد ! كن أول المعلقين !

التعليقات

إدراج الإقتباسات...