تشارلز سيميك: بخصوص جيراني، الحيثيين

تشارلز سيميك: بخصوص جيراني، الحيثيين


تشارلز سيميك: بخصوص جيراني، الحيثيين

ترجمة: عادل صالح الزبيدي

شاعر ومترجم وكاتب مقالات أميركي من أصل صربي ولد عام 1938 في مدينة بلغراد بيوغوسلافيا السابقة. عاش سنين الكارثة التي حلت بأوربا خلال الحرب العالمية الثانية وهاجر بعدها في سني مراهقته إلى أميركا ليصبح واحدا من أبرز شعرائها المعاصرين. نشأ في شيكاغو وتلقى تعليمه في جامعة نيويورك ويعمل حاليا أستاذا للأدب الأميركي والكتابة الإبداعية في جامعة نيوهامبشير، ومحررا لمجلة (باريس ريفيو) بالاشتراك مع الكاتبة والشاعرة ميغان أورورك. نشر سيميك أولى قصائده عام 1959 ولكنه بدأ مسيرته الأدبية مع أول مجموعة ظهرت له عام 1967 بعنوان (ما يقوله العشب) وسرعان ما جذب المزيد من الاهتمام النقدي وخصوصا عند نشره قصائد له بالإنكليزية وترجمات شعرية لشعراء يوغسلاف. نال شعره جوائز عديدة منها جائزة البوليتزر لعام 1990 عن ديوانه (العالم لا ينتهي: قصائد نثر) وجائزة والاس ستيفنز عام 2007. وانتخب لمنصب شاعر الولايات المتحدة عام 2007. من عناوين مجموعاته الشعرية: (تعرية الصمت) 1971، (مدرسة لأفكار سوداء) 1978، (أغاني بلوز لا تنتهي) 1986، (أرق الفنادق) 1992، (عرس في الجحيم) 1994، (اصطحاب القطة السوداء)) 1996، (نزهة ليلية) 2001، و(ستون قصيدة) 2008.

 

بخصوص جيراني، الحيثيين

 

عظماء هم الحيثيون.

آذانهم لها فئران والفئران لها جحور.

كلابهم تدفن نفسها وتدع العظام تحرس المنزل.

عشبة ضارة واحدة توقف جميع عواصفهم

الى ان تنتشر بيوت العناكب في السموات.

ثمة قشات في بحيراتهم وأنهارهم تبحث عن بشر غارقين.

حين يرفض جمل الدخول في ثقب احدى ابرهم،

يربطون منزلا بذيله. عظماء هم الحيثيون.

آباؤهم في المهود، مواليدهم الجدد يشنون حربا.

عندهم الرصاص يطفو، ورقة الشجر تغرق.

ربهم بحجم حبة خردل حتى  يمكن اكله بسرعة.

 

انهم ايضا يتبولون عكس اتجاه الريح

يصبون الماء في دلو مثقوب.

يقدحون دمعتين ليشعلوا نارا،

ولديهم ألسنة فيها عظام،

عظام ذئب قضمتها الخراف.

*

يسمونهم ايضا بناة المتاريس،

يسمونهم ايضا الخيول الآسيوية

التي تشرب من الراين، يسمونهم ايضا

عرافة جـَدّتي، يسمونهم ايضا

لا يمكنك ان تأخذ سرك معك الى القبر.

 

انها ذلك الطنين في اذنك اليسرى،

حسرة تخرج من اعماقك،

حلم تواصل فيه السقوط الى الأبد،

الساعة التي تنهض فيها من الفراش

كأن شخصا صاح باسمك.

 

لا احد يعلم لماذا يوجد الحيثيون،

مع ذلك فحين يتهامس اثنان

فان احدهما يصغي.

 

هل امسكوا بالسكين الساقطة؟

امسكوا بها مثل ذبابة بأفواههم المغلقة.

هل وازنوا البيضة الأخيرة؟

ضربوا البيضة بعظم كيلا تصرخ.

هل انتظروا  حذاء الرجل الميت؟

دخل الحذاء من أذن وخرج من الأخرى.

هل مسحوا الدم من شواربهم؟

احرقوا الدم كي يدفئوا انفسهم.

هل هم باردون من غير جيوب في اكفانهم؟

ان سقطت السماء، فسوف يتناولون السحب في عشائهم.

 

ماذا عندهم لنا

لنضعه في غلاييننا وندخن؟

لهم جديلة فتاة جميلة تجر وراءها قطيع ماشية

ونقش من كان ينام

مع الكلاب وينهض مع البرغوث

بحثا عن أثر لها في السماء.

*

لذلك فهم آخذون في التناقص الآن.

من كتب اسمه على ورقة وأحرق الورقة؟

من وضع عظام افعى في وسائدهم؟

من رمى قلامات أظافر في حسائهم؟

من جعلهم يمشون تحت السلالم؟

من شك دبابيس في ما التقطوه من صور؟

 

ثؤلول الثآليل وأخوه العين الشريرة.

الكسولة واختها  قدم الأرنب.

التمنيات بالحظ السعيد وابوهم الشعرى اليمانية.

الضرب على الخشب وامه نار جهنم.

 

لأن الذيل لا يستطيع ان يهز البقرة.

لأن الغابة لا تستطيع ان تطير نحو الحمامة.

لأن الأحجار لم تقل كلمتها الأخيرة.

لأن تلال الروث ترتفع والامبراطوريات تسقط.

*

انهم يتركون خلفهم

كل الملاعق الفضية

التي وجدت في داخل حناجرهم حين ولدوا،

يدا عضوها لأنها اطعمتهم،

 

جرذين من سفينة لا تزال تغرق،

مجموعة من شعرات منفصلة متنوعة،

ورقة الشجر التي قلبوها بعد فوات الأوان.

*

كل ذلك الملح الملقى فوق الكتف،

كل ذلك اللحم القاني المسافر تحت سروج البدو...

 

ها هنا تأتي غابة بأردية ذئب،

الدجاجة الحكيمة تنحني للمظلة.

 

حين تقابل الأمسية المحتقنة بالدم الليلة المحتقنة بالدم،

تخبران بعضهما حكايات محتقنة بالدم.

 

الغصن الأجرد الذي يعلوهما يتكلم بصوت يعلو على صوت الكلمات.

القمر اصبح رثا باليا.

 

اكرر: الأيام العجاف لا تأتي فرادى،

التنوع ضروري لجعل الشمس تشرق.

 

الليل قصر كل انسان.

لا تخرجوا القصر من الحقيبة.

           

ريح في الوادي، ريح في التلال العالية،

التمرين سيجعل هذا الجسم مناسبا لهذا الفراش.

*

عسى ان تؤدي جميع الطرق

الخارجة من اذن الخنزير

الى ما يساوي

خنزيرين في الأجمة.

تقييم النص

يجب تسجيل الدخول أو التسجيل كي تتمكن من الرد هنا

التعليقات

جمعة عبدالله

19-08-2022 08:02

الاديب الفذ الاستاذ عادل صالح الزبيدي .............. كعادتك تتحفنا بروائع الشعر العالمي , كأنها وليدة اليوم والساعة , تعطي العبرة والدرس لمنصات اليوم . ولاسيما ان معاناة الشعوب المضطهدة واحدة , وان اختلفت الادوات والاساليب , فأن الجوهر والمعنى واحد. كأن صور هذه القصيدة ترسم في ابداع مقتدر صورة العراق اليوم . حين غزته الفئران والجرذان والخنازير , لتحوله الى بيت العناكب . في فحيحها كفحيح الافاعي الضارية , تعلن نذير الحروب ولعلعة الرصاص واشعال الحرائق هنا وهناك , يريدون الحياة ان ترجع الى الوراء عكس اتجاه الريح , ولكن هذه اعمالهم الشريرة , لا تجلب وفرة الخير بل وفرة الشر والخراب , يحاولون ان يحولوا الناس الى متاريس متقاتلة فيما بينهم , حتى تأخذهم الى القبور . لكن هؤلاء الخنازير والفئران هم ايضاً في صراع دامي وعنيف فيما بينهم , من يكسر الآخر , من يطعن الآخر بطعنات الموت , من يحطم الآخر , ليس في جعبتهم سوى الخراب والتمزق والشقاق , لكن جبروتهم الطاغي موقت , لانهم كمن يصبون الماء في دلو مثقوب . لانهم يريدون الحياة ان تموت , ليكونوا هم السادة والسلاطين والامرار والبقية عبيد أذلاء لا حول ولا قوة لهم سوى الطاعة العمياء كلببغاوات , لانهم في مهرجان غابة الخنازير. وكل الطرق تؤدي الى عرين الخنازير . عسى ان تؤدي جميع الطرق الخارجة من اذن الخنزير الى ما يساوي خنزيرين في الأجمة. .......... تحياتي في براعتك الفذة في الاختيار والترجمة . ودمت بخير وعافية

أديبنا القدير الأستاذ جمعة عبد الله
تحية الود والاعتزاز

شكرا من القلب لتعليقك الثر وما تجده من مضامين ذات صلة بواقع عراقنا المرير، عراقنا الذي بات فريسة لذئاب بشرية استباحت كل شيء فيه.
رضاك عن الترجمة يحفزني لاختيار ما هو افضل.
دمت بكل خير وابداع صديقي العزيز..

التعليقات

إدراج الإقتباسات...