كيف ترسمُ لوحةَ عصفور

كيف ترسمُ لوحةَ عصفور


للشاعر الفرنسي جاك بريفير           ترجمة (من الفرنسية): علي القاسمي

 

ارسمْ في البداية قفصاً

وبابه مفتوح 

وبعد ذلك ارسمْ شيئاً جذاباً

شيئاً بسيطاً

شيئاً جميلاً

شيئاً مفيداً

للعصفور

ضع بعد ذلك قماشَ الرسم على شجرةٍ

في حديقةٍ

في منتزهٍ

في غابةٍ

مخفياً وراءَ الشجرة

دون أن تقول شيئاً

دون أن تتحرَّك ...

أحياناً يأتي العصفور بسرعة

ولكن قد يتأخر سنوات طويلة

قبل أن يُريد ذلك

لا تفقد الأمل

انتظرْ

انتظرْ إذا لزم الأمر سنوات عديدة

فسرعة مجيء العصفور 

أو بطئه لا علاقة لهما 

بنجاح اللوحة 

وعندما يأتي العصفور

إذا أتى 

التزمِ الصمت المطبق

وعندما يدخل في القفص

أغلقِ الباب بالفرشاة

ثم َّ 

امسحْ قضبان القفص واحداً بعد الآخر

مع الحرص على عدم لمس أية ريشة من ريشات العصفور

وبعد ذلك ارسمْ لوحةَ شجرة

واخترْ لها أجملَ الأغصان ٍ

من أجلِ العصفور

ارسمْ كذلك الأوراق الخضراء والنسيم العليل 

وخيوط أشعة الشمس 

وطنين ديدان العشب في حرارة الصيف

ثمَّ انتظرْ العصفور حتى يرغب في التغريد

فإذا لم يزقزق العصفور

فهذه علامةٌ سيئةٌ

علامة ٌ على أنَّ اللوحةَ سيئةٌ

أما إذا غنّى العصفور، فهذه علامةٌ جيدةٌ

إشارةٌ إلى أنك تستطيع توقيع اللوحة

وحينذاك انتفْ بكل لطف 

إحدى ريشات العصفور 

واكتب اسمكَ في زاوية اللوحة. 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جاك بريفير (1900ـ1977) شاعر وكاتب سيناريو فرنسي؛ سيريالي في شعره، واقعي في أفلامه. حظي وما يزال بشعبية كبيرة بفضل سهولة لغته، وتلاعبه بدلالات ألفاظه، وحسه الفكاهي. ويعدّ ديوانه الأول " كلمات" (1946) أشهر أعماله، فهو يدرَّس في المدارس الناطقة بالفرنسية. والقصيدة المترجمة نموذج من قصائد الديوان.

في سن الثامنة عشر، ترك جاك بريفير المدرسةَ وعمل في سوق بباريس، واستُدعي للخدمة العسكرية خلال الحرب العالمية الأولى، وبعدها عمل في المصالح الفرنسية في الشرق الأوسط.

مِن الشعراء العرب الذين تأثَروا به الشاعر العربي الكبير الراحل نزار قباني (1923ـ1998)، الذي فُتِن بشعر جاك برفيير. فعارض قصيدة " فطور الصباح" لجاك بريفيير بقصيدة عنوانها " الجريدة" التي تغنيها المطربة ماجدة الرومي، وسمّى أحد دواينه " الرسم بالكلمات". (تُنظر مقدمة ترجمتي لكتاب "الشيخ والبحر" لإرنست همنغواي وعنوانها " لماذا نترجم ما تُرجم سابقاً، وهي متوافرة في موقع (أصدقاء الدكتور علي القاسمي) على الشابكة.

تقييم النص

يجب تسجيل الدخول أو التسجيل كي تتمكن من الرد هنا

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد ! كن أول المعلقين !

التعليقات

إدراج الإقتباسات...