أخطاء سينمائية في دراما رمضانية
...
تعوّدنا طويلا على وقوع العديد من الأفلام العربية بمشكلات وأخطاء متكرّرة سواء في لإخراج أو السيناريو أو التمثيل.
ومع اكتظاظ الشاشات العربية بالمسلسلات الرمضانية تتجلى على السطح الكثير من الأخطاء الفنية التي ربما يحسب مخرجو تلك المسلسلات أنها سوف تمر في وسط ذلك الاكتظاظ، فلا ينتبه إليها أحد، وكأنها عدوى سينمائية انتقلت من الأفلام إلى المسلسلات.
واقعيّاً ينتهي دور فريق أي عمل فني، سينمائي أو تلفزيوني أو غير ذلك، بمجرد انتقاله إلى الجمهور، فهو الحكم الفصل في جودته أو غير ذلك.
وابتداء من مشكلات السيناريو إلى الإخراج إلى التمثيل تتفاقم تلك الأخطاء وتثير علامات استفهام مفادها ألا يتعلّم القائمون على هذا المسلسل أو ذاك مما يشاهدونه من أخطاء الآخرين أو ما وقع في أفلام سينمائية فلا يكررونها؟ ألا يشاهدون مسلسلات عالمية رصينة خالية من تلك العيوب والأخطاء؟
في البدء هنالك مشكلة السيناريو، فكاتب السيناريو عندما يعجز عن تقديم سلسلة من الأحداث منذ الحلقة الأولى من المسلسل، وبالتالي يعجز عن اجتذاب المشاهد، فإنه يلجأ إلى الحوار الذي هو بالأصل أداة مسرحية وليست تلفزيونية ولا سينمائية إن لم تكن مساعدة لإكمال مهمة الصورة.
هنا سوف يراهن المخرج على صبر المشاهد فإن كان صبورا فسوف يبتلع على مضض حوارات تمهيدية مملّة تمتد على طول أربعين دقيقة أو أكثر، ونحن هنا نتكلم عن نماذج من مسلسلات رمضانية مدرجة في قائمة العرض اليومي وليس نصيحة نظرية.
المشكلة الأخرى التي تكمّل هذه هي الشخصيات الهامشية والنمطية، بينما الجمهور يبحث عن شخصية البطل الدرامي، الذي فيه جميع مؤهلات الشخصية التي تواجه التحدّيات والصراعات، إلا إذا ألغيت قواعد الدراما في أبسطها.
وإذا توقّفنا عند شخصية البطل فإن القواعد الأخلاقية تقتضي أن تتكامل قوّتا وكفّتا الصراع بين الخير والشر، لكن كيف تفهم مسلسلا يرتكز على شخصيتين إجراميّتين، الأول قتل والد الثاني والثاني قتل والد الأول، والأول اختطف زوجة الثاني والثاني اختطف أم الأول.
خلال ذلك هنالك حشود غوغائية صاخبة تصرخ بلا سبب لمجرم دون آخر، وهنا لن يكون هنالك محل للسؤال عن القواعد الأخلاقية للدراما في أبسطها أيضا، والتي تتعلق بشخصيتي الطيب والشرير الأزلية إلا إذا ولد أرسطو جديد جاءنا بقوانين الدراما التي تقول إنه بعد هذا المسلسل الرمضاني هذه الدراما كلّها شر.
ثم لاحظ الضرورة في عملية اختيار الشخصيات، فعندما تكون الشخصيتان المتصارعتان على درجة من الحضور في التمثيل وجهورية الصوت، لا يعقل أن تكملهما شخصية نسائية بمواصفات ضعيفة، صوتها فيه خنّة ولا تجيد نطق مخارج الحروف ولم تتدرّب على الإلقاء الواضح.
وما دام الحديث عن الصوت فخذ عندك هذه الموسيقى التصويرية العجيبة، المسلسل تجري أحداثه في عمق الأرياف والقرى بينما الموسيقى تصدر صاخبة من أبواق الفايكنغ ولعبة العروش، آلات النفخ الغربية من الرومبيت إلى فلوغهورن إلى كلارنيت إلى فرينتشهورن إلى غيرها من الآلات الصاخبة الضاجّة التي لا معنى لوجودها، وكان الأصح هو اختيار وتريات ودفوف وناي من البيئة الشرقية الريفية القروية نفسها.
ثم تكتمل وظيفة ذلك الضجيج الذي اسمه -زوراً- موسيقى تصويرية وهو مجرّد ضجيج محض عندما تطغى أصوات آلات النفخ الصاخبة على الحوار، ويتوارى صوت الممثلة الأخن الهامس في وسط ذلك الضجيج ومهما قمت بزيادة درجة الصوت زادت حدة ضجيج الأبواق.
يجب تسجيل الدخول أو التسجيل كي تتمكن من الرد هنا
لا يوجد تعليقات بعد ! كن أول المعلقين !
لا يوجد اقتباسات