التنوُّعات المصطلحيّة الاجتماعيّة وأَثرها في تعليميّة اللغة عند علي القاسميّ

التنوُّعات المصطلحيّة الاجتماعيّة وأَثرها في تعليميّة اللغة عند علي القاسميّ


المُلخَّص

    في ظلِّ التطوُّر الكبير الذي حققته اللسانيات الاجتماعيّة، وذلك من طريق عملها على تشخيص المشكلات اللُّغويّة الاجتماعيّة، والعمل على إيجاد حلولٍ لها، فقد استطاعت أَن تفرض وجودها في الساحة اللُّغويّة بنحوٍ ماثلٍ للعيّان، الأمر الذي جعلنا نقف عند إحدى أهم القضايا التي تمس المجتمع في صميمه، وهي قضيّة (تعليميّة اللغة) وما أوجدته التنوُّعات اللُّغويّة التي لا يكاد يخلو مجتمع من المجتمعات من تبعاتها وتأثيراتها عليها، هذه التنوُّعات باختلافها سواء ما كان منها ضمن مستوى التفرد اللغويّ، أم ما كان منها ضمن مستوى التعدد اللغويّ، وما تخلفه من تأثير على تعلميّة اللغة ستكون محور بحثنا، وذلك في ظلِّ جهود العالم العراقيّ الدكتور عليّ القاسميّ، الذي عُرِّف بجهوده الرائدة في مجال تعليميّة اللغة، وذلك من طريق عمله الأكاديمي في عدّة جامعات عربيّة وأجنبيّة، ممّا مكنه من الاطلاع بنحوٍ عمليّ على التأثير الذي تمارسه التنوعات اللُّغويّة المجتمعيّة في مجال تعليميّة اللغة، والعمل على إيجاد معالجات للمشاكل التي تُخلفها فيها.

الكلمات المفتاحية: التنوُّعات المصطلحيّة الاجتماعيّة، تعليميّة اللغة، التفرد اللُّغويّ، التعدد اللُّغويّ.

المقدِّمة

  تشغل التنوُّعات المصطلحيّة ذات الأبعاد الاجتماعيّة أهميّة كبرى؛ بسبب تعددها وتداخلها مع بعضها، فقد اختلفت المفاهيم وتباينت في رسم حدود كلٍ منها، ومع وضع حدودها تصبح عمليّة تشخيص المشكلات التي تسببها أسهل، وإيجاد حلول لها بالإمكان أكثر، ولاسيّما مع العلاقة الوطيدة التي تربط تعليميّة اللغة بعلم اللغة الاجتماعيّ ومباحثه؛ فهما يقعان تحت مظلة مجالات علم اللغة التطبيقيّ، إذْ يدُّلان على وجود مشكلة ما تتطلب حلًا، فالتعدد اللُّغويّ، والتخطيط اللُّغويّ، وأمراض الكلام، وتعليم اللغات تمثل مشكلات بمجملها، ينبغي إيجاد حلول لمعالجتها (الراجحي، 1995، ص9) (Alraajehiu, 1995, p. 9)، ولا يخفى أنَّ من عوامل التنوّع اللُّغويّ بين الجماعات اللُّغويّة؛ هي العوامل الاجتماعيّة، والنفسيّة، والأدبيّة، ومن ثَمَّ العوامل التعليميّة؛ إذْ إنَّ الفروق في النظم الاجتماعيّة، والمستوى التعليميّ لدى السكان، يؤدي إلى اختلاف مناحي التفكير، وهذا الاختلاف يتردد صداه في أداة التعبير التي تتواصل بها الجماعة اللُّغويّة (وافي، 2004، ص175) (Wafi, 2004, p. 175)؛ فـ "أهم خاصيّة من خصائص اللغة هو نظامها؛ لأنّه يحكم سلوك الأفراد الذينَّ يستخدمون اللغة إزاءها، فاللغة تقوم على أساس نوع من العقد القائم بين أعضاء الجماعة، والفرد به حاجة إلى تعلّمها وتوظيفها في نشاطهِ الاجتماعيّ، ولا يمكن للإنسان أن يتعلَّم اللغة بتعلُّم مفرداتها فقط من دون تعلُّم ما يمثلها تمثيلًا صحيحًا، وهو النظام، سواء كان نظامًا لأصواتها، أم لصرفها، أم لنحوها" (نهر، 2011، ص68) (Nahr, 2011, p. 68)، وهذا الارتباط بين تعليم اللغة وعلم اللغة الاجتماعيّ، كان عاملًا مهمًا في بلوغ الأهداف المرجوّ تحقيقها في ميدان تعليم اللغات، فعلى الرغم من حالة اللااهتمام واللاتواصل التي كانت سائدة في المراحل السابقة بين علم التربيّة والتعليم من جهة، وبين اللسانيّات من جهة أُخرى؛ فإنَّ الوضع قد تغيَّر، وذلك عبر مروره بمرحلتين،(بوتون، بلا تاريخ، ص85) (Butun, p. 85):الأولى، تكوّنت في ضوء الإقرار بأنَّ النتائج التي حققتها اللِّسانيات المُطبقة على تعليم اللِّسان الثاني، كلسانٍ أجنبيّ، كان يمكن أن تكون ذات فائدة في معالجة اشكاليّة تعليم اللِّسان الأُمّ، إلا أنَّ عدم تواؤم تأهيل المعلمين مع الأهداف اللِّسانيّة المرجوّ بلوغها، حال دون تحقيقها؛ إذ إنَّ المعلمين لم يتمكنوا من اكتشاف صحتها بنحوٍ أفضل، أمّا الثانيّة؛ فيُعزى بلوغها إلى التطوّر الحديث الذي شهدته اللِّسانيات، متمثلًا بفرعٍ نشأ ليكون تطبيقًا لها على مجالٍ أوسع، وذلك هو علم اللغة الاجتماعيّ.     

     ونظرًا للمهمة التي تؤديها تعليميّة اللغة في علم اللغة التطبيقيّ؛ فإنَّ هناك تداخلًا واضحًا بين مصطلحيّ كلِّ منهما، حتى أنَّ كلّ واحدٍ منهما يُصطلح عليه باسم الآخر في أحيانٍ كثيرة، وقد أشار إلى هذا التداخُل الدكتور (كمال بشر) بقوله: "ولأهميَّة هذا الفرع من الناحيّة التطبيقيّة لم يحاول بعضهم التفريق بين (تعليم اللغات) و(علم اللغة التطبيقي) في الدلالة والمفهوم، ويأخذ المصطلحين كما لو كانا مترادفين يطلقان على مفهوم واحد" (بشر، 2005، ص208) (bashir, 2005, p. 208)، ويمكن إيعاز هذا التداخل إلى الظروف التي نشأَ فيها علم اللغة التطبيقيّ، فقد ظهَر هذا المصطلح في عام (1946م)، وذلك في معهد تعليم اللغة الإنجليزيّة بجامعة ميشيغان، حيث كان هذا المعهد متخصِّصًا في تعليم الإنجليزيّة لغة أجنبيّة وذلك بإشراف العالمَين (تشارلز فريز) و(روبرت لادو)، وبدأ هذا المعهد إصدار مجلته التي بعنوان (تعلُّم اللغة ـــــ مجلة علم اللغة التطبيقي) (فتيح، 1989، ص10) (Fatih, 1989, p. 10)، ويتداخل تعليم اللغات مع علوم أُخرى ويستفيد منها، كعلم التربيّة، وعلم النفس، وعلم أمراض الكلام، وعلم الاجتماع (بورقيبة، 2003، ص9) (burqiba, 2003, p. 9)، ومن البديهيّ أنَّه "لا يستطيع شخص أن يُعلِم أيَّة لغة دون أن يعرِّف شيئًا ما عن اللغة... بَلْ من المُسلم به أنَّ اللُّغويّ، هو الشخص القادر على تأليف قواعد هذه اللغة، أَو وضع معجم لها، وهذا يؤهله لأَن يضع سياسة تعليم اللغة" (عبد العزيز، 1983، ص111) (aleaziz, 1983, p. 111)، ولاسيَّما أنَّ العمل في تعليم اللغة "لا يمكن أن يكون فرديًا، ولا يمكن أن يكون جزئيًا، ولا يمكن أن يكون مشتقًا" (الراجحي، 1995، ص33) (Alraajehiu, 1995, p. 33).

    ويؤكد ذلك القاسميّ؛ إذْ يرى أنَّ السياسة اللُّغويّة الجيّدة في البلاد العربيّة، ينبغي أن تتناول مجالات لغويّة تتعلق بمجتمعيّة التربيّة والتعليم، وهي"محو الأُميَّة، وتعميم استعمال العربيّة الفصحى، وتنميّة اللغات الوطنيّة غير العربيّة، وتعليم اللغات الأجنبيّة، والترجمة من العربيّة وإليها، وتعليم العربيّة لغير الناطقين بها"(القاسمي، 2009، ص42) (Alqasimi, 2009, p. 42)؛ إذْ إنَّ تمكين المجتمع العربيّ من لغته الفصحى، يقضي أن تعمل السياسة اللُّغويّة في جبهتين في آنٍ واحد، هما: "تنميّة اللغة العربيّة الفصحى ذاتها، وتعزيز اكتساب العربيّة واستعمالها"(القاسمي، 2009، ص42) (Alqasimi, 2009, p. 42).

     يبدو ممّا تقدّم أنَّ مجال تعليميّة اللغة، يُعَدُّ أحد مجالات التخطيط اللُّغويّ المهمة، والذي يقع ضمن مباحث علم اللغة الاجتماعيّ؛ إذْ تُستثمر فيه الجهود العربيّة الجماعيّة التي تسعى إلى تطوير هذا المجال تتضمن مجامع اللغة العربيّة، ومؤتمرات المنظمة العربيّة للتربيّة، حيثُ تركز جهودها على تعليم اللغة العربيّة لأبنائها في مدارس الدوَّل العربيّة، وأبناء اللغات الأخرى في معاهد متخصِّصة، وتتمثل جهودها في تبادل الخبرة، والتدريب، وتطوير المناهج، فضلًا عن تدريب المعلمين؛ لتحسين أدائهم، من طريق القيام بدورات تضمن الاطلاع على أحدث طرائق التعليم ووسائله (حجازي، 2013، ص358) (hajazi, 2013, p. 358).

   وتود الباحثة التنويه إلى أنَّه في المواضع التي يرد فيها مصطلح (الفصحى)، فإنَّ المُراد هو (الفصيحة)؛ إذْ إنَّه في كثير من السياقات التي أورد فيها القاسميّ (الفصحى) كان يقصد (الفصيحة)، حيث جاء استعمالهما للدلالة على مفهومٍ واحد، وهو اللغة العربيّة المعياريّة الصحيحة. 

المستوى الأول: التفرد اللُّغويّ: (unilingue):

     يُعَدُّ التفرد اللُّغويّ من أبرز عوامل التطوّر والتقدُّم العلميّ والحضاريّ، ويؤكد ذلك القاسميّ،    بقوله:" اللغة هي أداة النفاذ إلى مصادر المعلومات وتداولها، وهو أمرٌ ضروري لإيجاد مجتمع المعرفة القادر على تحقيق التنميّة الإنسانيّة الشاملة. وكلما كانت اللغة موحّدة وقويّة أصبحت عمليّة استيعاب المعلومات وتبادلها، وتمثُّلها، وإعادة إنتاجها، والإبداع فيها، أيسر وأسرع" (القاسمي، 2009، ص13) (Alqasimi, 2009, p. 13)، ويقع ضمن هذا المستوى عدَّة تنوُّعات لغويّة في اللغة الواحدة، وكلٌّ منها يؤدي عملًا في تعليم اللغة، وهذه الأنواع هي (القاسمي، 2012، ص90/91) (alqasimi, 2012, p. 90/91):

     1_ اللغة الفصحى (الأدبية)(classical language): يرى القاسميّ أنَّ حرصنا على اللغة العربيّة الفصحى المشتركة وتأكيدنا الحفاظ عليها؛ ليس نابعًا من حقيقة كونّها مقوِّمًا رئيسًا من مقوِّمات وجود الأُمة وتوحيدها حسب؛ بَلْ لأنَّها الأساس الضروريّ لتحقيق تنميّة بشريّة شاملة، ولِتصبح الأمّة العربيّة معه قادرة على مواكبة مجريّات التطوّر والتقدّم العالميّ في شتى الأصعدة، الاجتماعيّة، والاقتصاديّة، والعلميّة، والتقنيّة (القاسمي،  2009، ص24) (Alqasimi, 2009, p. 24)، فضلًا عن أنَّ "الجماعة التي تمتلك لغة واحدة، تمتلك في الوقت نفسه وحدة في التفكير والشعور، وهذا أمرٌ يقرّه علم الاجتماع، ولا يرفضه علم النفس" (الفيصل، 1993، ص202/203) (Faysal, 1993, p. 302/303)، بناءً على ذلك؛ فإنَّ القاسميّ يؤيِّد ما نصَّ عليه تقرير التنميّة الإنسانيّة العربيّة في عام (2003م)، والذي ينصُّ على أنَّ "دور اللغة في مجتمع المعرفة جوهريّ؛ لأنّها أساس رئيس من أسس الثقافة، ولأنَّ الثقافة باتت هي المحور الأساسي الذي تدور في فلكه عمليّة التنميّة. واللغة محورية في منظومة الثقافة لارتباطها بجملة من مكوِّناتها من فكر وإبداع وتربية وإعلام وتراث وقيّم ومعتقدات" (القاسمي، 2016، ص5) (alqasimi, 2016, p. 5).

   نظرًا لما تقدّم آنفًا؛ فإنَّ القاسميّ يدعو إلى استعمال العربيّة الفصحى في برامج محوّ الأُميّة، ومراحل التعليم ومستوياته كافة، فضلًا عن اعتمادها في البحث العلميّ، وإلزام جميع المعلمين والمدرسين بإلقاء دروسّهم بالعربيّة الفصحى في الموضوعات كافة، واعتمادها في اجتماعات مؤسسات المجتمع المدنيّ، وكتابة اللافتات في الشوارع والطرقات بالعربيّة الفُصحى (القاسمي، 2009، ص26/27) (Alqasimi, 2009, p. 26/27)، فعمليّة تحصيل العربيّة الفصحى، لا يُمكن أن تتم إلا من العمل على رفع مستوى التعليم والثقافة لدى أفراد الجماعة اللُّغويّة كمًا وكيفًا (الخطيب، 1976، ص71) (alkhatib, 1976, p. 71)؛ ولذلك نجد أنَّ (فندريس) يؤكد ما تقدّم آنفًا، حين يرى أنَّ اللغات المشتركة قادرة على مقاومة التغيّر والتصدع الذي يمكن أن تتعرض له؛ بفعل العوامل الاجتماعيّة، والسياسيّة، والاقتصاديّة_ أزمانًا طويلة، والذي يُمكنّها من الحفاظ على وجودها وثباتها ظروف السياسة، وقوة المدرسة، والإدارة، فضلًا عن الكتابة التي تُعدُّ خير حارسٍ لها (فندريس، 2014، ص339) (Findris, 2014, p. 339).

   ويرى القاسميّ أنَّ تعلُّم اللغة العربيّة الفصحى، يبدأ عند إلتحاق الطفل بنظامٍ تعليميّ معيّن، ويتطلب ذلك سنوات من التعلُّم قبل أن يتمكن منها، لأنَّ الفصحى تختلف عن العاميّة التي تمثل لغته الأُمّ، والمكتسبة طبيعيًا في محيط أُسرته؛ إذْ إنَّ الفصحى تمتاز بكونَّها أثرى لفظًا، وأوفر مصطلحًا، وأوسع تركيبًا، فضلًا عن اختلاف العاميّة عن الفصحى في نطق الأصوات، واختلافها في بعض بنيّاتها ودلالاتها، ومن ثَمَّ يتسبب هذا الاختلاف في أن يواجه الطفل صعوبة في تعلُّم اللغة الفصحى (القاسمي، 2009، ص41) (Alqasimi, 2009, p. 41).

   يبدو ممّا تقدّم أنَّ تعلُّم اللغة الفصيحة تعترضه مشكلة البيئة اللُّغويّة للطفل، إذْ إنَّ أَفرادها يتحدثون العاميّة التي اكتسبها الطفل طبيعيًا، وهذا التنافر بين اللغة وبين المحيط يؤدي إلى زيادة صعوبة تعلُّم اللغة الفصحى (الموسى، 1987، ص123) (almusaa, 1987, p. 123).

  2_  اللغة الأُمّ (primary language): ويُعرِّفها القاسمي بأنَّها: "أول لغة يتعلّمها الطفل في أسرته"(القاسمي،2012، ص90) (alqasimi, 2012, p. 90)، فهي تمثل الشكل اللُّغويّ الأول الذي يتلقاه الفرد في محيطه الاجتماعيّ؛ ولذلك سميّت اللغة الأُمّ، ويرتبط مصطلح (اللغة الأُمّ) بحقل (اكتساب اللغة) الذي يهتم بدراسة تعلُّم الطفل لغة أُسرته، والمجتمع الذي نشأ فيه، بصورة تلقائيّة من دون اتباع نظام تعليميّ معيّن؛ إذْ "يتلقاها الطفل من مجتمعه الكلاميّ الذي يعيش فيه لتنقدح شرارة عمل أجهزة اللغة بدءًا من الأذن، والقناة الناقلة إلى المعمل والمركز في الدماغ" (العناتي، 2019، ص175) (aleanati, 2019, p. 175)، وهذه اللغة التي يتعلمها الطفل في أولى مراحل حياته، هي (اللغة الأُمّ) التي يطلق عليها فضلًا عن مصطلحات أخرى، كـ (اللغة الأولى) و(اللغة الأهليّة)(القاسمي،2012، ص231) (alqasimi, 2012, p. 231).

    في هذا الإطار، يطرح القاسميّ سؤالًا، وهو: هل يُعَدُّ اكتساب اللغة الأُمّ طبعًا أم تطبعًا؟ ليردَّ بأنَّ ذلك لم يَعُدْ عليه خلافٌ اليوم، أَيّ سواء كان اكتسابها ظاهرة غريزيّة تلقائيّة، أم اكتسابًا من البيئة الاجتماعيّة، ويرى أنَّ جميع الباحثين متفقون على أنَّ اللغة تُكتسَب اكتسابًا، مع الأخذ بالحسبان أهميّة العاملين البيولوجيّ والاجتماعيّ، ويعود ليبيِّن أنَّ هناك خلافًا، ويتمثل في ما إذا كان العامل البيولوجيّ يشتمل على قابليّة لغويّة فطريّة مخصوصة أم لا، وهذه هي نقطة الخلاف بين الماديِّين والعقلانيِّين (القاسمي، 2009، ص35/36) (Alqasimi, 2009, p. 35/36).

   فالعقلانيون يرون أَنًّ اكتساب اللغة الأُمّ يمتاز بكونه فطريًا، والطفل يكتسب اللغة من أسرته، وتنمو معه بطريقة عفويّة تلقائيّة، لتواكب نموه الجسميّ، والعقليّ، والاجتماعيّ بين أفراد أسرته، والمحيط الذي ينشأ فيه (خرما و حجاج، 1988، ص77) (khurma,hajaj 1988, p. 77)، وهذا ما تبناه (تشومسكي)، الذي يرى أنَّ اللغة تنمو في عقل الطفل، على الرغم من أنّه لا يكون مهيأ لتعلُّمها لحداثة سنِّه، والذي يحدث هو أنَّ اللغة تنضج لديه كما تنمو بقيّة الأعضاء تمامًا (علي، 2009، ج1/ ص199) (Ali, 2009, p. 199)، ويَعُدُّ "التفكير الذي يعتبر أنّ النموّ اللغويّ شبيه بنموّ العضو الفيزيائيّ هو تفكير طبيعيّ ومستساغ" (زكريا،1984، ص182) (zakariaa, 1984, p. 182)؛ إذْ يرى أنَّ اللغة مهارة خاصّة، وأنَّ القدرة على تعلُّمها موجودة في موروثنا الجينيّ، والطفل يملك قدرة لغويّة أو برنامج داخلي يُمكِّنه من اكتساب اللغة دون تدخُّل من الوالدين أو المعلمين (القاسمي، 2009، ص36)، و(جلايلي، 2009، ص83) (Alqasimi, 2009, p. 36) (jalayly, 2009, p. 83).

     نستشف ممّا تقدّم آنفًا أنَّ تشومسكي يَعُدّ المعنى والسياق الاجتماعيّ ماهي إلا عناصر ثانويّة، لا تكفي وحدها لاكتساب اللغة، والعنصر الأساسيّ لديه يتمثل في القدرة البايلوجيّة اللُّغويّة التي يمتلكها الطفل طبيعيًا، ويؤكد ذلك قوله: "لا وجود للغة خارج إطار تصورها العقليّ، ومهما تكن خصائصها، فهي تختص بها عبر المسّار العقليّ الفطريّ للجهاز العضويّ الذي أوجدها ويوجدها في كل جيل" (زكريا، 1993، ص58) (zakariaa, 1993, p. 58)، وهذه هي نقطة الخلاف بين العقلانيين والماديين؛ إذْ إنَّ الماديين يؤكدون أثر السياق والظروف الاجتماعيّة في اكتساب اللغة الأُمّ، وهم لا ينكرون وجود قدرة لغويّة موروثة لدى الطفل؛ إلا أنّهم يربطون تحقق ذلك بالمحيط الاجتماعيّ المناسب لها(القاسمي،2009، ص38) (Alqasimi, 2009, p. 38)، وهذا يُفسِّر قيّام الطفل باصطناع أصدقاء خياليين يتحدث معهم في أثناء لعبه عندما لا يجد من يرافقه فيه (بياجيه، 2001، ص19) (bayajih, 2001, p. 19)، هذه الفطرة التي تجعل الإنسان يميل إلى التفاعل الاجتماعيّ، تُعدُّ عنصرًا مهمًا في اكتساب الطفل لغته الأُمّ، و" قد تكون في كثيرٍ من الأحيان استجابةً لنزعة الإنسان الفطريّة في أن يثبت وجوده الاجتماعيّ" (عبد العزيز، 1983، ص146) (aleaziz, 1983, p. 146).   

     ومن بين الاتجاهين المذكورين آنفًا، يؤيد القاسميّ الماديين؛ ويعلل ذلك في تفسيره لحالتين، هما (القاسمي، 2012، ص232) (alqasimi, 2012, p. 232): الأُولى، هي حالة الطفل الذي يعاني من حالة مرضيّة ناتجة عن تضرُّر مناطق معيّنة، أو منطقة مخصوصة في مُخه، يُصبح من الصعوبة معها اكتساب اللغة، أمّا الأُخرى؛ فهي حالة الطفل الذي لم ينشأ في بيئة أو محيط لغويّ مناسب، تتسبب في صعوبة اكتساب اللغة، كأن يعيش مع الحيوانات.

   ولا بُدَّ من الإشارة إلى أنَّ علماء اللغة يقرِّرون أنَّ اللغة نشاط اجتماعيّ مُكتسب وليس غريزيًا، والقاسميّ يوافقهم في ذلك؛ إذْ يرى أنَّ الطفل يتعلّم اللغة التي يتحدث بها أفراد الجماعة اللُّغويّة التي ترعرع فيها بصرف النظر عن أصله أو المكان الذي ولِد فيه، ويأتي بمثال ليوضح ذلك، في حالة الطفل الذي ولِد في البلاد العربيّة، ثم نُقِلَ وهو رضيع إلى أحد الدوّل الاجنبيّة، فإنَّه سيتكلم لغة البلد الذي نشأ فيه وليس العربيّة، في ضوء ذلك يرى القاسميّ أنَّ المقوِّمات الأساسيّة لاكتساب اللغة وتعلُّمها، تتمثل بوجود استعداد فطريّ على هيئة قدرات ذهنيّة وبدنيّة، ووجود مُسبق لأحد الأنظمة اللُّغويّة في مجتمع الطفل، فضلًا عن وجود كفايّة ناتجة من تطبيق الاستعداد الفطريّ على النظام اللُّغويّ في أثناء مدّة مرحلة الطفولة (القاسمي، 2008، ص23) (alqasimi, 2008, p. 23)، و"هذا ما ينفي عن اللغة أن تكون رابطة جنسيّة ولا عرقيّة، وإنَّما هي رابطة ثقافيّة تؤكد روابط انتماء حضاريّ، وبذلك تتبوأ منزلة البعد الإنسانيّ عبر تأريخ الأُمم" (المسدي، 1986، ص87) (almasadiy, 1986, p. 87).           

     يبدو ممّا تقدّم أَنَّ عملية اكتساب اللغة تدل على وجود الفطرة المشتركة لدى الإنسان، فمهما حاول الكبار تبسيط اللغة وتسهيلها ليتلقاها الطفل، فإنَّ ذلك لا يتم على وفق تخطيط مُنظم، وإذا كان هناك تنظيم فإنه تنظيمٌ داخليّ عند الطفل نفسه (الراجحي، 1995، ص20) (Alraajehiu, 1995, p. 20)، إذْ "يبدأ الوليد البشري حياته بإصدار أصوات عشوائيّة غير متمايزة، وباستمرار تقدّمهِ في السِّن تتطور لغته، وتزداد تعقيدًا بحيث يستطيع التواصل مع الآخرين، ويتفاعل معهم مستخدمًا الكلام، وينصت إلى كلامهم، ويستجيب له" (الشخص، 2012، ص63) (alshakhs, 2012, p. 63)؛ لذلك فإنَّ عمليّة اكتساب اللغة الأُمّ تتطلب كلا الاتجاهين، وهذا يتطلب العمل على تأمين الأجواء الصحيّة وتهيئتها لغةً وتربيّةً في البيئة الاجتماعيّة التي يعيش فيها الطفل، ويتفاعل معها، فهذا يساعده بنحوٍ كبير على اكتساب اللغة السليمة اكتسابًا صحيحًا وسليمًا (السيّد، 2017، ج1/ ص117) (alsyd, 2017, p. 117).

   وعلى الرغم من الخلاف بين العقلانيين من جهة، والماديين من جهة أُخرى، فإنَّ القاسميّ يرى أنَّ مراحل اكتسّاب اللغة الأمّ أربع، وهي التي يتفق أكثر اللُّغويين عليها (القاسمي، 2008، ص38)، و(القاسمي، 2009، ص39)، و(السيّد، 2017، ص120)، و(وافي، 2004، ص120_127)، و(عبد العزيز، 1983، ص119_121):

1_ مرحلة ما قبل الكلام: التي يطلق فيها الطفل الجديد صرخات، وهذا الصراخ يُعَدُّ تمرينًا لجهاز التنفس، وهذه المرحلة تمتد حتى الأسبوع الثامن من عمر الطفل.

2_ مرحلة المناغاة: يبدأ الطفل في هذه المرحلة بتكرار بعض الأصوات المقطعيّة بصورة إراديّة، وتبدأ هذه المرحلة من الشهر الثاني حتى الشهر الخامس من عمر الطفل، وهذه المدة تختلف وتتفاوت من طفل إلى آخر بحسب الفروق الفردية لكلِّ طفل.

3_ مرحلة المحاكاة: يبدأ الطفل في هذه المرحلة بمحاكاة المحيطين به، والاستجابة لتعبيرات وجوههم، وإيماءاتهم، وللمحاكاة عدّة أنواع: التلقائيّ، والإراديّ، وبفهم، وبدون فهم، ودقيق، وغير دقيق، وغير ذلك. وتبدأ هذه المرحلة في الشهر التاسع أو العاشر من عمر الطفل.

4_ مرحلة الكلام والفهم: يبدأ الطفل في هذه المرحلة بفهم معاني الألفاظ ونطقها؛ إذْ يبدأ الطفل في نهاية السنة الأُولى من العمر بنطق الكلمات المفردة، وفي الستة أشهر الأولى من السنة الثانية يبدأ الطفل بنطق كلمتين معًا، ويتطور ذلك حتى بلوغه السنة الرابعة، التي يأخذ فيها بتكوين الجمل، ويتم اكتسابه لأقسام الكلام طبقًا للترتيب التالي: الأسماء، فالأفعال، فالأدوات. 

     ويؤكد علماء النفس والاجتماع ومنظمات دوّليّة كثيرة ضرورة استعمال اللغة الأُمّ وأهميتها في التعليم، والمقصود باللغة الأُمّ عندهم هي اللغة الوطنيّة في مقابل اللغة الأجنبيّة، وقد عرَّفت منظمة اليونسكو اللغة الأُمّ بأنَّها: اللغة التي يحدد بها الأفراد هويتهم وانتماءاتهم، أَو بها تحدد هوية الآخرين (الودغيري، 2014، ص272) (alwdghyry, 2014, p. 272).

     نظرًا لما تقدم ذكره آنفًا؛ ترى الباحثة أنَّ اكتساب اللغة الأُمّ لا يمكن أن يتمّ بتوافر الملكة الفطريّة حسب، بَلْ لا بُدَّ من نشوء الطفل في مجتمع كلاميّ، يمارس تأثيره الفاعل في تنميّة الأداء اللُّغويّ لديه بنحوٍ عفويّ من دون اتباع نظام معيّن؛ لأنَّ اكتساب اللغة يُعَدُّ مرحلة متقدمة على تعلُّمها، فـ" تعلُّم اللغة يحدث في مرحلة متأخرة حيث يكون الأداء اللُّغويّ قد تكوّن والعمليات العقليّة قد نضجت" (الراجحي، 1995، ص22) (Alraajehiu, 1995, p. 22).

3_ اللغة الأجنبيّة (foreign language): يعرّفها القاسميّ بأنَّها " ليست من اللغات الوطنية، وعادةً ما تُعلَّم في المدارس"(القاسمي، 2012، ص91) (alqasimi, 2012, p. 91)، يشير التعريف المتقدِّم على أنَّها لا تشمل اللغات الوطنيّة الموجودة في البلد الواحد، ويتمُّ تعلُّمها من طريق الانخراط في نظام تعليميّ معيّن، تضطلع به المؤسسة التعليميّة، وهي تُمثل اللغة الثانيّة في التعليم الثنائي في البلد.

  وقد وردَّ عن القاسميّ قوله:" لغات أجنبيّة: لغات أُممّ أخرى خلاف اللغة الوطنيّة/ القوميّة" (القاسمي، 1989، ص268) (alqasimi, 1989, p. 268)، وقد اختلفت الاتجاهات في السِّن المناسبة التي ينبغي أن يبدأ الفرد فيها بتعلُّم لغة أجنبيّة، هناك من اللغويين من دعا إلى تعلُّمها في سِّن مبكِّرة، وهناك من دعا إلى تأجيل ذلك حتى المرحلة الثانويّة(القاسمي،2009، ص67) (Alqasimi, 2009, p. 67)، ولكلِّ اتجاه أسبابه، فالدّاعون إلى تعلّمها في سِّن مبكِّرة؛ سببه اعتبارات علميّة، ونفسيّة، وتربويّة، واجتماعيّة، وسياسيّة، واقتصاديّة، وهي ما يأتي (القاسمي،2009، ص70_74) (Alqasimi, 2009, p. 70/74):

1_ إنَّ للعمر دورًا مهمًا في عمليّة اكتساب اللغة وتعلُّمها، فكلما كان التعلُّم مبكرًا كان أفضل وأسرع، وذلك يعود إلى عوامل تتعلَّق بالقدرات العصبيّة ونموّهم المعرفيّ واستعدادهم للتعلُّم؛ إذْ أثبت العلماء أنَّ مخّ الطفل الذي يقل عمره عن عشرة سنوات، يتوافر على مرونة عاليّة تكفي لتعلُّم اللغات وتنغيمها (العناتي، 2019، ص176) (aleanati, 2019, p. 176).

2_ يمتلك الطفل قبل سِّن السادسة قدرة عاليّة في محاكاة أصوات اللغة الأجنبيّة، واستيعابها.

3_ يتعلَّم الطفل اللغة الأجنبيّة بسهولة؛ لأنَّه قادر على الدخول في تجربة تعلُّم لغة أجنبيّة من دون الشعور بالخجل عند وقوعه في الخطأ، على العكس ممّا يحدث مع الكِّبار.

4_ لتعلُّم لغة أجنبيّة في الطفولة تأثير إيجابيّ في الطفل؛ إذْ يُعمق مهارات التواصل والانفتاح على الثقافات العالميّة، ويُحسِّن مهارات الاستماع، ويقوي الذاكرة. 

5_  تعلُّم لغة أجنبيّة في سِّن مبكِّرة، يُنمي شخصيّة الفرد، ويقوي نموه العقليّ؛ إذْ أكد علماء النفس والتربيّة أنَّ النمو العقليّ مرتبط بالنمو اللُّغويّ للفرد، وكلما تطورت لغته؛ ارتفعت قدرته العقليّة، وزادت، والعكس بالعكس (حتاملة، 2006، ص100) (hatamla, 2006, p. 10). 

   أمّا الدّاعون إلى تأخير تعلُّمها حتى الثانوية؛ فحججهم ما يأتي (القاسمي، 2009، ص68/69) (Alqasimi, 2009, p. 68/69):

1_ إنَّ الكِّبار أكثر قدرة على تعلُّم اللغة الأجنبيّة من الأطفال، هذه الحجة تعود إلى نظريَّة نفسيَّة تربويَّة كانت شائعة في القرن الماضي؛ إذْ توصلّت إلى انَّ ذكاء الطفل يبلغ ذروته في سِّن الخامسة عشرة، ويستمر في الحفاظ على مستواه حتى بلوغه سِّن الأربعين.

2_ إنَّ عملية تعلُّم لغة أجنبيّة هي عمليّة مرهقة للطفل؛ لأنّها عمليّة معقدة تشترك فيها جميع القوى العقليَّة والنفسيَّة والعضليَّة، ولاسيَّما أنَّ الطفل في بلادنا العربيّة يتعلَّم لغةً ثانيةً عند دخوله المدرسة، هي اللغة العربيّة الفصيحة التي تختلف عن لغته الأُمّ، أَي العاميّة الدارجة، فتعلِّيمه لغة أجنبيَّة في المدرسة الابتدائيّة يُرهق الطفل؛ لجعله يتعلّم لغتين في آنٍ واحد.

3_ إنَّ تعلُّم لغة أجنبيّة في سِّن مبكِّرة يتسبب بعرقلة اتقان الطفل للغته الأولى؛ فقد تبيّن أنَّ الأطفال الّذينَّ يتعلمون اللغة الأجنبيّة قبل اتقانِّهم للغتهم الأولى يعانون من ضعف في كلا اللغتين على حدِّ سواء، بناءً على ذلك فإنَّ تعليم اللغة الأجنبيّة بعد اتقان اللغة الأُولى، يُعَدُّ الأفضل للغتين في آنٍ واحد (حتاملة، 2006، ص99) (hatamla, 2006, p. 99).

     وبعد عرض القاسميّ لحجج الاتجاهين، يُصرح بتأييده لحجج الاتجاه الأول، وتأكيده " ضرورة قيام الدوَّل العربيّة بتخطيط السياسة اللغويَّة على أساس تعليم اللغات الاجنبيّة في سِّن مبكِّرة"(القاسمي،2009، ص78) (Alqasimi, 2009, p. 87)؛ إذْ يَعدّ تعليم اللغات الأجنبيّة مقوّمًا من مقومات السياسة اللُّغويّة الراميّة إلى خلق مجتمع إنسانيّ متطوّر، يشيع بين أفراده السلام، ويُبيِّن أنَّ هناك خلافًا بين السياسات اللُّغويّة العربيّة في المرحلة التي يبدأ فيها الطفل بتعلُّم اللغة الأجنبيّة، فالبعض منها يبدأ التعليم في السنة الأُولى، أو الثالثة، أو الخامسة من المرحلة الابتدائيّة، ومنها من يؤخر ذلك حتى المرحلة الثانويّة، لكنَّ نقطة الالتقاء في سياسات العرب اللُّغويّة هو هويّة اللغة الأجنبيّة التي تُعلِّمها، وهي لغة الاستعمار،أو الوصاية، أيّ إنَّها اللغة الإنجليزيّة أو الفرنسيّة(القاسمي، 2008، ص103) (alqasimi, 2008, p. 103).

       ويرى القاسمي أنَّ مباحث علم اللغة التطبيقيّ في مجال تعليم اللغات الأجنبيّة، تدلُّنا على وجود ثلاثة مستويات تقريبيّة لدى متعلِّمي اللغة الأجنبيّة، مستوى: (المبتدئين، والمتوسطين، والمتقدِّمين)، ويُبيِّن أن الدراسة الميدانيّة تشير إلى أهميّة الجانب الإعلاميّ، فالمتعلِّم الذي يستفيد من البرامج الإذاعيّة أو التلفزيّة الأجنبيّة، هو الذي يتمكن من الانتقال إلى المستوى المتوسِّط، ولكن هذا المستوى لا يتمكن طلابنا في المدارس الحكوميّة من بلوغه؛ نظرًا لرداءة التعليم فيها، على العكس من طلاب المدارس الخاصّة والأجنبيّة الذينَّ تلقوا دروسهم كافة باللغة الاجنبيّة، ويرى أنَّ الأغلبيّة من الطلاب تصِّل أسماعهم البرامج الأجنبيّة على أنّها رطانة لا معنى لها (القاسمي، 2012، ص217) (alqasimi, 2012, p. 217)، وهذا يؤكد أهميّة السماع كأساس في عمليّة اكتساب اللغة وتعلُّمها؛ ولذلك فإنَّ القاسميّ يُقدِّم افتراضًا علميًا، مفاده: أنَّ الطفل الأصم الذي لا يسمع الأصوات بتاتًا، لا يتمكن من اكتساب اللغة وتعلُّمها مطلقًا، بعكس الطفل الأعمى السليم السمع الذي يتمكن من اكتساب اللغة وتعلُّمها (القاسمي، 2012، ص232) (alqasimi, 2012, p. 232)، ويُبيِّن القاسميّ أنَّ هذا يتفق مع ما أشار إليه علماؤنا العرب القدامى؛ إذْ يؤكد (ابن خلدون) ذلك، بالقول:" يسمع الصبيّ استعمال المفردات في معانيها، فيلقِّنها أوّلًا، ثمَّ يسمع التراكيب بعدها، فيلقَّنها كذلك، ثمَّ لا يزال سماعه يتجدَّد في كلِّ لحظةٍ ومن كلِّ متكلِّم، واستعماله يتكرَّر إلى أن يصير ذلك ملكةً وصفةً راسخةً" (ابن خلدون، 1978،ج3/ ص1440) (khalidun, 1978, p. 1440).  

    يبدو ممّا تقدّم أنَّ القاسميّ يؤكد أهميّة تعليم اللغة الأجنبيّة في سًّن مبكِّرة، فهي تؤدي عملًا مهمًا في تنميّة قدرات الفرد الفكريّة ومهاراته العقليّة، بما يُسهم بنحوٍ فاعل في تقويّة شخصيّة المُتعلِّم، وانفتاحه على الثقافات العالميّة المختلفة؛ إذْ يرى أنَّ تعلُّم اللغة الأجنبيّة في سِّن مبكِّرة له آثاره الإيجابيّة في الطفل على وفق ما تقدَّم بيانها في حجج المؤيدين لذلك آنفًا، فضلًا عن انتشار ظاهرة العولمة وقيام الاتّحاد الأوربيّ وغيره من التكتلات الدوليَّة التي تضمُّ بلدانًا ذات لغات مختلفة، وما رافق ظهور الشابكة الانترنت من تجارة إلكترونيّة (القاسمي، 2009، ص60 وص70) (Alqasimi, 2009, p. 60_70)، كما يرى أنَّ تعلُّم لغات البلدان الأجنبيّة هو الطريق الأفضل لتحقيق طموحنا بنشر لغتنا العربيّة؛ إذْ يقول:" كيف، يا ترى، يحقّ لنا أن نطمح إلى نشر لغتنا في بلدان لا نعرف لغاتها، بمعنى أنّنا لا نعرف الكثير عن ثقافاتها؟ بَلْ كيف يمكن لنا تمتين علاقاتنا الروحيّة والاقتصاديّة والسياسيّة مع شعوب تلك البلدان دون أن يتضلّع بعضنا في دراسة لغاتها، وآدابها، ويترجموا عنها" (القاسمي، 2008، ص103/104) (alqasimi, 2008, p. 103/104)، وترجح الباحثة الرأي القائل بأفضليّة تعليم الطفل اللغة الأجنبيّة بعد تعلُّمه اللغة الأولى؛ وذلك لتجنب تعرضه لوضعيّات التعدّد اللُّغويّ، المتمثلة بالثنائيّة اللُّغويّة بين العربيّة الفصيحة والفرنسيّة أو الإنجليزيّة من جهة، وازدواجيّة لغويّة أو لهجيّة بين اللغة الفصحى واللهجات العاميّة من جهة أخرى في الوقت نفسه (الطائي، 2017، ص183) (Tae, 2017, p. 183)؛ إذْ إنَّ ذلك يؤدي إلى عدم تمكُّن المتعلِّم من تعلُّم أيّ نظامِ لغويّ بنحوٍ متقن، وقد صرَّح القاسميّ برأيه إزاء ما تؤدي إليه الوضعيّات اللُّغويّة الناتجة عن تعليم اللغات الأجنبيّة قبل اتقان المتعلِّم لغته الأولى، بالقول:" وأبناؤنا لا يجيدون اللغة العربيّة ولا اللغة الأجنبيّة" (القاسمي،2009، ص199) (Alqasimi, 2009, p. 199)

المستوى الثاني: التعدّد اللُّغويّ (multilinguisme): 

   نظرًا لما يترتب عن احتكاك اللغات من تعدد لغويّ، فضلًا عن تفرع اللغة الواحدة إلى لهجات مختلفة، وما يصاحب ذلك من اختلاف في الأنظمة اللُّغويّة لكلِّ لغةٍ، ولاسيّما أنَّ ظاهرة تعدد اللغات ظاهرة تكاد أن تكون حتميّة الوقوع، ولا تكاد تسلم منها لغة من لغات العالم، مهما بُذلت جهود لمواجهتها؛ لذلك فقد أدرك اللغويون ولاسيَّما العاملين في مجال تعليم اللغات، ضرورة إعطاء هذه الظاهرة اهتمامًا كبيرًا، فالتقدّم الحضاريّ، وزيادة وسائل الاتصّال بين الدوَّل، يتطلب من أفراد الجماعة اللُّغويّة الواحدة، تعلُّم لغات الجماعات الأُخرى، والعمل على التواصل معهم،   ونظرًا لاهتمام القاسميّ وعمله مجال تعليم اللغات، قد أولى التنوعات اللُّغويّة وما تخلفه من تأثير في عمليّة التعليم اهتمامًا كبيرًا، وذلك على النحو الآتي:

1_ الازدواج اللُّغويّ (diglossie): يرى القاسميّ أنَّ الطفل في المجتمع العربيّ يتكلم العربيّة الدارجة التي اكتسبها في محيط أسرته، وعندما يدخل المدرسة يبدأ بتعلُّم العربيّة الفصحى، ويؤدي هذا إلى حدوث ظاهرة (الازدواج اللُّغويّ) التي تتسبب في أن يواجه الطفل صعوبة لغويّة عند دخوله المدرسة؛ لإختلافهما؛ لذلك يرى القاسميّ أَنَّه من الممكن علاج هذه الصعوبة وتذليلها، وذلك بطريقتين، هما (القاسمي، 2009، ص51) (Alqasimi, 2009, p. 51):

1_ طريقة قبليَّة: أَي قبل دخول الطفل المدرسة، وذلك عبّر وسائل الإعلام، ولاسيَّما التلفزة، وهي تؤدي عملًا مهمًا في اكتساب الطفل للغة الفصحى، إذْ يتم إعداد البرامج المخصّصة للأطفال باللغة الفصحى، وذلك يُمكِّن الطفل من التعوّد على سماع الفصحى ومن ثّمَّ يُسهل عمل المدرسة في تعليمها إياه، فضلًا عن أهميّة " التركيز في تعلُّم أبجديات اللغة العربيّة الفصيحة في مرحلة الطفولة المبكِّرة، ولاسيَّما في السنوات الثلاث الأُولى من عمره؛ إذْ يحرز الطفل تقدمًا ملحوظًا في النطق واكتساب المعجم" (الطائي، 2017، ص185) (Tae, 2017, p. 185).

2_ طريقة بعديّة: أَي بعد دخول الطفل للمدرسة، وذلك باعتماد الوسائل التعليميّة المتنوعة، وحثِّهم على التحدث بالفصحى فيما بينهم، فـ" كلما ارتفع المستوى الثقافيّ للمواطنين، اقتربت لغتهم الدارجة من الفصيحة"(القاسمي، 2009، ص171) (Alqasimi, 2009, p. 171).

   في هذا الإطار، قد أثبتت البحوث التي أجراها اللسانيون الغربيون، أنَّه من الممكن عدّ وضع مزدوِّج اللِّسان أمرٌ مرغوب فيه، بشرط أن يقوم على أُسس يُشرِّف عليها خبراء في المؤسسة التربويّة؛ إذْ أَنشأ مجموعة من الخبراء صفوفًا للأطفال، تدعى بصفوف (التغطيس الكليّ)، تعمل على توظيف مضمون العلوم نفسها في اللغة الأُمّ _ تدريجيًا_ وذلك على مستويات مختلفة، الهدف منها السعيّ إلى إقامة توازن في الكفاءة بين المستويين (بوتون، بلا تاريخ، ص60/61) (butun, p. 60/61)، وبالنظر إلى المفهوم الذي حدَّ به (فيرجسون) الازدواجيّة اللُّغويّة، نراه يشير إلى أنَّ المستوى اللُّغويّ العاليّ، يتم تحصيله من طريق التعليم، ويؤكد ذلك، قوله: فهو أعلى من غيره، ويمثل لغة الأدب المكتوب ولغة التراث القديم، وعادةً، هذا النوع من اللغة يتمُّ تعلُّمه عن طريق التعليم الرسميّ (المدارس والمعاهد)، ويُستعمل للعديد من أغراض الكتابة والتحدث الرسميّة، وهو لا يُستعمل في أيِّ قطّاع من قطّاعات المجتمع؛ لغرض المحادثة الرسميّة (هدسن، 1987، ص97/98) (hidsun, 1987, p. 97/98)، و(الفلاي، 1996، ص21) (alfallay, 1996, p. 21) ، و(غارمادي، 1990، ص155/156) (gharmady, 1990, p. 155/156)؛ لذلك فإنَّ تحديد المستوى العاليّ للازدواجيّة، مرتبط بتعلِّمه، ودرجة اتقانه. 

     يرى القاسميّ أنَّ الازدواجية اللُّغويّة تُعرقل تعلُّم اللغة الفصحى؛ لأَنَّ الطفل العربيّ يكتسِّب اللهجة العاميّة بطريقة طبيعيّة بوصفها اللغة الأُمّ في البيت من أبويه، وذلك في السنوات الخمس الأولى من حياته، ثمَّ يبدأ بتعلُّم العربيّة الفصحى في روضة الأطفال أو المدرسة (القاسمي، 2009، ص35) (Alqasimi, 2009, p. 35)، وهذا الفرق في طريقة التلقي، اصطلح عليه الدكتور(محمد حسن عبد العزيز)، بـ (اكتسّاب النوعيّة المحليّة، وتعلُّم النوعيّة العاليّة)؛ وذلك لأنَّ التكلُّم بالنوعيّة المحليّة واتقانّها يزيد من تعقيد النوعيّة العاليّة، وصعوبة اتقانها (عبد العزيز، 2009، ص234/235) (aleaziz, 2009, p. 234/235)، وهذا يُفسِّر الصعوبة التي تعترض متعلمي اللغة العربيّة الفصيحة، فالعاميّة التي تم اكتسابها طبيعيًا تلقي بظلال بنيّة تعبيراتها على المتعلم، ممّا يؤدي إلى حدوث تعثر واضح في تعلُّمه العربيّة الفصيحة (القعود، 1997، ص35) (alqueud, 1997, p. 35)، وقد أشار الدكتور(نهاد الموسى) إلى الأضرار التي تتسبب بها الازدواجيّة اللُّغويّة للمتعلِّم، بالقول:" نحن نحمل أوزار هذه الازدواجيّة، ونشقى بأضرارها في حلقات متراسلة من البيت إلى البيئة المحليّة، فالمدى العربيّ، فالبُعد الإسلاميّ، فآخر العالم. تُكلِّفنا الازدواجية بضع سنين من أعمار أبنائنا، فإنَّهم ينفقون السنوات الخمس أو الستّ الأُولى في تعلُّم العاميّة، ثمَّ ينفقون السنوات العشر، أو الاثنتي عشرة التالية في تعلُّم العربية الفصحى، وشطر المجموع غير لازم لو كان ما نتعلمه لغة واحدة" (الموسى، 1987، ص178) (almusaa, 1987, p. 178).

   ولِمواجهة ما تقدّم ذكره آنفًا؛ يرى القاسمي أنَّه لا بُدَّ من القيام بتخطيطٍ لغويّ يكون الهدف منه تنميّة الفصحى على حساب العاميّات المكتسبة طبيعيًا، التي تُعَدُّ مصدر تهديد للفصحى المُتعلّمة نظاميًا، وتضم هذه السياسة جوانب إعلاميّة، وتربويّة، واجتماعيّة تسعى إلى تعميم استعمال الفصحى في جميع مراحل التعليم، وعدم استعمال العاميّات في الإعلام، واستعمال اللغة الفصيحة في الإدارة (القاسمي، 2009، ص13) (Alqasimi, 2009, p. 13)، وهذا الإجراء يُعدُّ ردّ فعل طبيعيّ للحفاظ على الفصحى؛ إذْ "حينما تنخفض قيمة اللِّسان ثقافيًا أو يُعتبر متدنيًا بالقياس إلى اللِّسان الآخر؛ فإنَّه يبدي مقاومة أقل إزاء التداخلات المتعددة من اللِّسان الآخر، هذا ويخاطر في فقدان نوعيته فيه...؛ لذا فإنَّ ظواهر المثاقفة التي تصاحب التماثل اللِّسانيّ، وتسوّغ ردات الفعل، عندئذٍ حين تحدد القوى الحافظة المتمثلة في المذهبيات السياسيّة، أو الدينيّة، أو العرقيّة، أو الثقافيّة، ضربًا من ضروب وعيّ هذه الظاهرة" (بوتون، بلا تاريخ، ص55/56) (Butun, p. 55/56).

   يبدو ممّا تقدّم أنَّ صعوبة تعلُّم الفصيحة ناتج أيضًا عن محدوديّة استعمالها، واقتصار ذلك على المجالات الرسميّة في المجتمع، كالتعليم والإدارة، في الوقت الذي تحظى فيه العاميّة بنسبة استعمال أكبر، فضلًا عن اكتسابها بنحوٍ عفويّ تلقائيّ، وهذا يجعل من اتقانِّها أمرًا سهلًا.

2_ الثنائيّة اللُّغويّة (bilingualism): نظرًا للنتائج السلبية المترتبة عن ترك اللغة العربيّة، واتسّاع تعلُّم اللغات الأجنبيّة واستعمالها في مجالات المجتمع كافة، وما يصاحب ذلك من شعورٍ بالخوف على مستقبل اللغة العربيّة؛ نجد القاسمي ينعت الثنائيّة اللُّغويّة بـ (لعنة)، فمن جهة تعلُّم اللغات الأجنبيّة، يُعَدُّ ضرورةً تقتضيها متطلبات الانفتاح على العالم، ومن جهة أخرى، تنميّة اللغة العربيّة، يُعَدُّ الطريق الوحيد لإيجاد مجتمع المعرفة اللازم لتحقيق التنميّة البشريّة، والعمل على تعميم المعرفة العلميّة على نطاق واسع؛ وذلك لأنَّ اللغة وعاء الفكر، وبها يصِّل المجتمع إلى درجة الإبداع (القاسمي، 2009، ص197) (Alqasimi, 2009, p. 197).

     وعلى الرغم من أنَّ الثنائيّة اللُّغويّة تؤدي عملًا مفيدًا في تنميّة المهارات اللُّغويّة عند المتعلِّم، وتقويهِ في لغتهِ الأُولى، بحيث يُصبح أكثر قدرة على التعامل مع اللغات عمومًا، فكما تشير الدراسات التي أُجريت في هذا المجال إلى أنَّ الثنائية اللُّغويّة تحقق تقدُّم في النمو اللُّغويّ بنحوٍ يتجاوز الصعوبات التي تحول دون تحقيقه (الطائي، 2017، ص188) (Tae, 2017, p. 188)؛ إذْ تمَّ التوصل إلى إنَّ الأطفال الذينَّ يتلقونَّ تعليمًا ثنائيًا مبكِّرًا، تتمركز قدرتهم اللُّغويّة في النصف الأيسر من الدماغ الذي يعدّه علماء علم اللغة العصبيّ ذا هيمنة على اللغة؛ إذ تقع فيه مراكز اللغة، وعلى العكس من ذلك، فإنَّ الأطفال الّذينَّ يتلقونَّ تعليمًا ثنائيًا متأخرًا، تتمركز قدرتهم العقليّة اللُّغويّة في النصف الأيمن من الدماغ ذي الهيمنة الأقل(الخولي، 2002، ص316_318) (alkhuli, 2002, p. 316_318)، وإن كانت هناك إعاقة لغويّة لدى ثنائيّ اللغة، فأوجها يكون في سنوات التعلُّم الأُولى، لكن هذه الإعاقة تبدأ بالتضاؤل في السنوات اللاحقة؛ إذْ تعتمد سرعة تلاشيها على ذكاء الطفل، ومدى اندماجه في اللغة الثانيّة، لذلك لا تُنتج هذهِ الإعاقة من الثنائيّة نفسها، بَلْ لحداثة اللغة الثانيّة على الطفل، وكونّه مُجبرًا على تعلُّمها (الخولي،1990، ص157) (alkhuli, 1990, p. 157).

     على الرغم من الآثار الإيجابيّة التي تُظهرها الثنائيّة اللُّغويّة؛ فإنَّ القاسمي يرى أنَّها في بلداننا العربيّة تشكّل صراعًا غير متكافئ بين اللغة القوميّة العربيّة من جهة التي تتلقى من أهلها أصناف الاحتقار، بَلْ إنَّ الأمرَ يصِّل إلى التدمير، واللغة العالميّة الوافدة من جهة أخرى، بكلِّ ما تتمتع به من سطوة ثقافيّة، وسلطة اقتصاديّة، فضلًا عن عوامل أخرى تُهيئها جهات مسؤولة في مجتمعنا العربيّ، فأكثر أبناء الطبقة العالية يتعلمون في مدارس خاصّة، وهذه تعتمد على مناهج أجنبيّة، فضلًا عن أنَّ الجامعات تعتمد اللغة الأجنبيّة، وهذا يؤدي إلى أن لا يتقن أبناؤنا اللغتين العربيّة والأجنبيّة(القاسمي، 2009، ص199) (Alqasimi, 2009, p. 199)، ولاسيّما "أنَّ التعليم بإمكانه أن يؤدي إلى سيطرة لغة معيَّنة، ويزداد تأثير لغة ما عند ادراجها في البرامج المدرسيّة" (زكريا،1984 ، ص172) (zakariaa, 1984, p. 172)، وفضلًا عن ذلك، نجد تأثير العامل النفسيّ الذي يتمثل في فقدان الثقة باللغة الأُمّ؛  نتيجةً لفقدان الثقة بالنفس؛ بسبب النظرة إلى اللغة العربيّة على أنّها لغة الدوّل الضعيفة، الذي ولّد في نفوس أهلها الشعور بالتخلف عند استعمالهم إياها، في مقابل لغة الغرب القويّ التي يشعر بعض الطلبة بالاعتزاز بها (لهويمل، وحسني، 2014، ص112) (lhwymal,husni 2014). 

    والنتيجة التي خَلُصَ لها القاسميّ هو أنّه" إذا كانت اللغة وعاء الفكر، فإنَّ الطالب العربيّ لا يحمل وعاءً سليمًا، بَلْ ينوء تحت عدد من الأوعية المثقوبة التي لا تحتفظ بالمعارف والعلوم، ناهيك بعدم تمكّنه من تمثّل تلك المعارف والعلوم أو الإبداع فيها. وبعبارة أخرى، إنَّ اللغات الأجنبيّة التي يعرِّفها أولادنا تؤهِّلهم ليكونوا خدمًا للسيّاح الأجانب، ولا تؤهِّلهم لاكتساب العلوم والتكنولوجيا" (القاسمي، 2009، ص199) (Alqasimi, 2009, p. 199)، يبدو للباحثة أنَّ الثنائية اللُّغويّة عينها لا تُعَدُّ مصدر التهديد على لغتنا العربيّة، بَلْ الذي يُشكِّل هذا التهديد هو مشروع السياسة اللُّغويّة التي تتبعها الدوَّل العربيّة؛ إذْ إنَّ الثنائيّة اللُّغويّة، ولاسيَّما المدرسيّة مُرتبطة بالبرنامج التربويّ الذي يتمّ اعداده بحسب سياسة الدولة الراميّة_ مبدئيًا_ عبر هذا البرنامج وبوساطة التعليم، إلى تعميم استعمال اللغة الثانيّة، فضلًا عن اللغة القوميّة أو الرسميّة في ذلك البلد (زكريا، 1993، ص39) (zakariaa, 1993, p. 39).

3_ التداخُل اللُّغويّ (linguistic interference): ترجِع أُولى المحاولات التي عُنيت بدراسة التأثير الذي يحدثه التداخُل اللُّغويّ في تعليم اللغة إلى الدراسات النفسيّة واللِّسانيّة، التي سيطر عليها السلوكيون في النصف الأول من القرن العشرين؛ إذْ إنَّهم عدّوا الكلام عادةً لفظيّة، تُكتسب بالمرّان، وهي بذلك لا تختلف عن أيَّةِ عادةٍ سلوكيّةٍ أُخرى، وعلى ذلك فإنَّه نتيجةً لتأصل عادة التكلُّم باللغة الأُمّ، يقوم الطالب وبنحوٍ لا شعوريّ بنقل عناصر لغته الأُمّ إلى اللغة الجديدة التي يتعلِّمها(القاسمي، 2009، ص81) (Alqasimi, 2009, p. 81)، و(جلايلي، 2009، ص83) (jalayly, 2009, p. 83)، ويقع التداخُل اللُّغويّ في مستويات لسانيّة متعدِّدة ذكرها القاسميّ تفصيلًا، وهي المستوى:

أ_ الصوتيّ: إذ يؤدي إلى ظهور لهجةٍ أجنبيّةٍ في كلام المتعلِّم، حيث تظهر في اختلافٍ في النبر، والقافية، وأصوات الكلام (القاسمي، 2009، ص82) (Alqasimi, 2009, p. 82).

ب_ النحويّ: يرى القاسميّ أنَّ التداخُل في المستوى النحويّ الذي يقع بين نحو اللغة الأُمّ ونحو اللغة الثانية، يؤدي إلى وقوع المتعلِّم في أخطاء تتعلق بنظم الكلام وتركيبه، (القاسمي، 2009، ص83) (Alqasimi, 2009, p. 83)، حيث يستعمل الأشخاص ثنائيو اللغة ترتيب الكلمات الموجود في اللغة الأُمّ أو الأولى في اللغة الثانيّة، أو يظهر التداخُل لديهم عند وضعهم محددات في مواضع لا توجد فيها (جروجون، 2017، ص78) (jrujun, 2017).

ج _المفرداتيّ: يرى القاسميّ أنَّ التداخُل في المستوى المفرداتيّ، يؤدي إلى اقتراض كلمات من اللغة الأُمّ ودمجها في اللغة الثانيّة في أثناء الكلام، فإذا كانت الكلمة مستعملة في اللغتين بمعنيين مختلفين، فإنَّ المتعلِّم سيستعملها بحسب معناها في لغته الأُمّ في أثناء حديثه باللغة الثانيّة (القاسمي،2009، ص83) (Alqasimi, 2009, p. 83).

    ولا بُدَّ من الإشارة إلى أنَّ التداخُل والاقتراض مختلفان، والقاسميّ باستعماله لفظ (اقتراض) يجعله مع التداخُل في معنى واحد، واختلافهما كما أشار إليه الخوليّ، يتمثل بأنَّ التداخُل لا شعوريّ، أَمّا الاقتراض؛ فهو شعوريّ، والتداخُل فرديّ، أمّا الاقتراض؛ فقد يكون فرديًا أو جماعيًا، والتداخُل يحدث في المستويات اللُّغويّة كلها، أمّا الاقتراض؛ فلا يتم إلّا في مستوى المفردات فقط، والتداخُل يحدث في حالة معرفة الفرد للغتين، أمّا الاقتراض؛ فهو قد يحدث والفرد لا يعرف إلا لغة واحدة، فكثير من الناس يستخدم مفردات مقترضة من خارج لغته دون أن يعرف سوى لغة واحدة (الخولي، 2002، ص195) (alkhuli, 2002, p. 195)، نظرًا للتباين والاختلاف بين الاقتراض والتداخل، نرى أن يكون التداخل في المستوى المفرداتي متمثلًا باستعمال كلمات من اللغة الأُمّ ودمجها في اللغة الثانيّة في أثناء الكلام. 

د_ الدلاليّ: يحدث عندما توجد في اللغتين الأولى والثانيّة كلمة واحدة، وهي تستعمل في معنيين مختلفين، غالبًا ما يميل متعلِّم اللغة الثانيّة إلى فهم تلك الكلمة بمعناها الذي هي عليه في لغته الأُولى، فكلمة (location) بالفرنسيّة تعني (تأجير)، وفي الإنجليزيّة تعني (موقع)، فالفرق الدلاليّ بينهما شاسع(القاسمي،2009، ص83) (Alqasimi, 2009, p. 83).

ه_ الكتابيّ: وتحدث الأخطاء فيه في حالتين، الأولى، عندما يلفظ المتكلِّم الحرف بصورة مختلفة في لغته الأُمّ، فيميل إلى كتابته طبقًا للفظه، كما يكتب التلميذ المغربيّ، مثلًا، (ثلاثة) بالتاء لتكون بهذا الشكل (تلاتة)، والأُخرى، عندما تشترك اللغتان الأولى والثانية في استعمال النظام الكتابيّ عينه، كما يحدث بين الأورديّة والعربيّة، حيث يميل الطالب الباكستانيّ الذي يتعلَّم العربيّة إلى كتابة الكلمات العربيّة كما يكتبها بالأورديّة، وبذلك فقد يقع في الخطأ، ولاسيّما إذا كانت كتابة تلك الكلمة مختلفة بالعربيّة عنها بالأورديّة (القاسمي، 2009، ص83/ 84) (Alqasimi, 2009, p. 83/84)، والقاسمي يشير إلى وجود نوعين من التداخُل اللُّغويّ، هما (القاسمي، 2009، ص84) (Alqasimi, 2009, p. 84):

1_ التداخُل السلبيّ: ويقع عندما يحاول المتعلِّم أن يتكلم باللغة الثانيّة، فيستبدل وبطريقة لا شعوريّة عناصر لغته الأُمّ بعناصر من اللغة الثانيّة؛ إذْ يتسبب تأثير اللغة الأُمّ إلى الخروج عن قواعد اللغة الثانيّة (الطائي، 2013، ص272) (tae, 2013, p. 272).

2_ التداخُل الايجابيّ: ويقع عندما يحاول الطالب فهم ما يسمع من اللغة الثانيّة، بحيث يزداد التشابه بين لغة الطالب الأُمّ واللغة الثانية التي يتعلَّمها، ويُصبح فهم اللغة الثانية أسهل من قبل. 

    بذلك فإنَّ تحديد نوع التداخُل اللُّغويّ_ سلبًا أو إيجابًا_ متوقف على السلوك الكلاميّ الذي يتبعه المتحدث في أثناء كلامه، فإذا خرج عن قواعد اللغة الثانيّة يكون عندها التداخُل سلبًا، وإذا حافظ على أُسس اللغة الثانية من دون إقحام أُسس الأُولى عليها، عندها يكون التداخُل إيجابًا. 

   ونظرًا للصعوبات الناتجة عن التداخُلات اللُّغويّة لدى ثنائييّ اللغة، وما يتولد عنها من أخطاء وسلبيات يقع فيها المتعلِّم في أثناء تعلُّمه اللغة الثانيّة، فقد ابتكر اللُّغويون طريقتين لتوقُّع هذه الأخطاء، قد بيَّنهما القاسميّ، وهما (القاسمي، 2009، ص85) (Alqasimi, 2009, p. 85):

الطريقة الأُولى/ التحليل التقابليّ: تقوم هذه الطريقة بإجراء مقارنة بين نظاميّ اللغتين: اللغة الأُمّ أو الأُولى، واللغة الأجنبيّة أو الثانية، وتتم هذه المقارنة في المستويات الثلاثة: الصوتيّ، والصرفيّ، والنحويّ (القاسمي، 2009، ص85) (Alqasimi, 2009, p. 85)، و(الخولي،2002، ص161) (alkhuli, 2002, p. 161)، واستعمال القاسميّ مصطلح (التحليل التقابليّ) ينسجم مع ما تُفضله مباحث علم اللغة التطبيقيّ؛ لأنَّ المقصود هنا هو إجراء تحليل لغويّ على اللغة التي يُراد تعلُّمها واللغة الأُولى للمتعلِّم (الراجحي، 1995، ص45) (Alraajehiu, 1995, p. 45)، فيما أُطلقت عليه مصطلحات أُخرى، ومنها  مصطلح (علم اللغة التقابليّ) (حجازي، بلا تاريخ، ص24) (hajazi, p. 24)، أو (المنهج التقابليّ) (العزاوي، 2001، ص204) (aleazawi, 2001)، أو (التقابل اللُّغويّ) (الخولي، 2002، ص161) (alkhuli, 2002, p. 161)، ويؤدي المنهج التقابليّ عملاً تطبيقيًا مهمًا في مجال تعليم اللغات (حجازي، بلا تاريخ، ص25) (hajazi, p. 25)، و(العزاوي، 2001، ص204) (aleazawi, 2001, p. 204)؛ إذْ "يتصل التقابل اللُّغويّ اتصالًا وثيقًا بانتقال أثر التعلُّم" (الخولي، 2002، ص161) (alkhuli, 2002, p. 161)، ويُعرَّف بأنَّه: العلم الذي يُعنى بدراسة أوجه الشبه والاختلاف، أَو المقابلة بين لغتين اثنتين، أو لهجتين اثنتين، أَو لغة ولهجة، أَي المقابلة بين نظام اللغة الأُمّ أو الأُولى من جهة، ونظام اللغة الثانيّة التي يراد تعلُّمها من جهةٍ أُخرى (الراجحي، 1995، ص45) (Alraajehiu, 1995, p. 45)، وقد دلّت النتائج التي تمَّ التوصُّل إليها على ظواهر تؤدي إلى صعوبات تعليميَّة، وهي (القاسمي، 2009، ص85/86) (Alqasimi, 2009, p. 85/86):

أولًا/ خلو ّاللغة الأُولى من عناصر توجد في اللغة الثانيّة: من ذلك وجود أصوات في اللغة الثانيّة، لا تتوافر في اللغة الأولى، مثلًا أنَّ اللغة العربيّة تخلو من صوتٍ أغن، ممّا يسبب صعوبة لدى الطالب العربيّ الذي يتعلَّم اللغة الفرنسيّة المليئة بأصوات الغنّة (القاسمي، 2009، ص85) (Alqasimi, 2009, p. 85)، فـ" إذا كانت اللغة الأُولى تفتقد بعض الأصوات التي توجد في اللغة الثانيّة؛ وجبت العناية بالتدريب النطقيّ على هذه الأصوات" (حجازي، بلا تاريخ، ص26) (hajazi, p. 26).

ثانيًا/ تشابه بين العناصر المتقابلة في اللغتين: ويشمل هذا التشابه المستويات اللُّغويّة كافة، من ذلك التشابه في المستوى الكتابيّ، كما هو الحال بين اللغة العربيّة واللغة الفارسيّة التي تستعمل الخط العربيّ في الكتابة؛ إذْ ينبغي حصر الحروف المتشابهة في اللغتين ذات القيمة الصوتيّة الواحدة من جهة، وتحديد الحروف العربيّة التي تُستعمل بالفارسيّة، ولها قيمة صوتيّة مختلفة عن قيمتها بالعربيّة من جهةٍ أُخرى؛ وذلك لتوقُّع الصعوبات التي تعترض الطلاب الناطقين بالفارسيّة في أثناء تعلُّمهم العربيّة (القاسمي، 2009، ص85/86) (Alqasimi, 2009, p. 85/86).

ثالثًا/ اختلاف بين العناصر المتقابلة في اللغتين: فإذا كان الاختلاف في المستوى النحويّ، مثلًا أنَّ النظام في كلتا اللغتين يتألف من (فعل، وفاعل، ومفعول به)، ولكن الاختلاف يقع في ترتيب هذه الأجزاء، فإن كانت اللغة الأُولى للطالب مُرتبة على النحوّ الآتيّ: (فعل، وفاعل، ومفعول به)، كما هو الحال في اللغة العربيّة، في حين أنَّ اللغة الثانيّة مُرتبة على النحوّ الآتي: (مفعول به، وفاعل، وفعل) ؛ فإنَّ الطالب سيواجه صعوبة، تؤدي إلى وقوعه في الخطأ عند ترتيبه هذه الأجزاء في أثناء تحدثه باللغة الثانيّة (القاسمي، 2009، ص 86) (Alqasimi, 2009, p. 86)، كما قد يكون الاختلاف في المستوى الدلاليّ، وذلك باستعمال بعض الكلمات في اللهجة المحليّة بدلالات تخالف تلك الموجودة في اللغة التي يراد تعلُّمها، عندها ينبغي التركيز في التدريبات التي تبيِّن المعنى المطلوب (حجازي، بلا تاريخ، ص26) (hajazi, p. 26).  

   ولا بُدَّ من الإشارة إلى أنَّ استخدام التحليل التقابليّ، انتقده بعض اللُّغويين، وعدَّوهُ قاصرًا عن ادراك بعض الصعوبات التي تؤدي بمتعلِّم اللغة الثانيّة إلى الخطأ، وأسبابهم هي:

1_ اهمال عنصر الوقت؛ إذْ لم يبيِّن أصحاب هذا المنهج في أيِّ وقتٍ بالتحديد تظهر الأخطاء، فقد تبيِّن من التطبيق الفعليّ، أنَّ تلك الأخطاء_ غالبًا_ لا تظهر إطلاقًا، أو أنّها لا تظهر إلا في مرحلة معيَّنة من مراحل تعلُّم اللغة الثانيّة، أو قد تظهر بأشكالٍ مختلفة، أو يظهر بعضها  بنحوٍ على غير ما كان متوقعًا (خرما وحجاج، 1988، ص93) (khurma, 1988, p. 93).

2_ على العكس ممّا كان شائعًا، والذي بحسبه كلما زاد التشابه بين عناصر اللغة الأُولى، وعناصر اللغة الثانيّة، تقِّل الأخطاء، وهذا ما تبناه بعض اللُّغويين العرب، ومنهم الخولي، ويؤكد ذلك قوله: "من حيث إنَّ التراكيب اللُّغويّة المتشابهة بين ل1 ول2 ستتعلم بسرعة، أمّا التراكيب المختلفة؛ فستتعلم ببطء... وحيثما يكون الاختلاف بينهما، تؤدي ل1 إلى إعاقة تعلُّم ل2" (الخولي، 2002، ص161) (alkhuli, 2002, p. 161)، إلا أنَّ الحقيقة التي تمّ التوصل إليها، ترى أَنَّ وجود أوجه التشابه القريبة بين اللغتين، يُعدّ أصعب الأمور في أثناء التعلُّم؛ لأنَّ المتعلِّم يَعدُّها متشابهة تمامًا، فيعتقد أنَّها سهلة لا تتطلب التركيز، والحقيقة، أنّها سبب وقوعه في اللبس، فهو لا يميِّز بينها، وهذا يجعل من أوجه الاختلاف بين النظامين الأسهل في أثناء التعلُّم (خرما وحجاج، 1988، ص 94/95) (khurma, 1988, p. 94/95).

   نظرًا للإنتقادات المذكورة آنفًا؛ فقد اعتمد اللُّغويون على منهجٍ آخر، وصفه القاسميّ بأنَّه منهجٌ تكميليّ لطريقة التحليل التقابليّ، ويبدو أنَّ القاسميّ كان مُدركًا لجوانب قصور التحليل التقابليّ عن إدراك كافة الصعوبات التي يواجهها متعلِّم اللغة الثانيّة على الرغم من أنَّه لم يُشِر إليها.   

الطريقة الثانيّة/ تحليل الأخطاء: وتقوم هذه الطريقة على عَملِ مسحٍ للأخطاء الشائعة التي يكثر وقوع متعلميّ اللغة الثانيّة فيها، حيثُ يقوم الباحث، مثلًا، بجرد الأخطاء التي تكثر في إنشاءات الطلاب في مستوى دراسيّ معيَّن، ثم القيام بدراستها؛ للوقوف على الأخطاء التي تشكل أعلى نسبة إحصائيًا، وهذه النتائج تُعَدُّ مؤشرات على الصعوبات التي سيواجهها الطلاب الجدد في تعلُّم اللغة الثانيّة (القاسمي، 2009، ص86) (Alqasimi, 2009, p. 86).

الخاتمة

   نستنتج ممّا تقدّم آنفًا، أَنَّ القاسميّ أَولى التنوّعات اللُّغويّة أهميّةً بالغةً في مجال تعليميّة اللغة، ولاسيَّما أنَّه تربويّ، وله باعٌ طويلٌ في العمل الأكاديميّ؛ فقد عَمِلَ أُستاذًا في عدّةِ جامعات عربيّة وأجنبيّة، الأمر الذي هيأً له الاطلاع الدقيق على ما تُخلفه التنوّعات اللُّغويّة من تأثيرٍ في عملية تعليم اللغة في المجتمع العربيّ، سواء ما تعلق منها بالتفرد اللُّغويّ، أم ما تعلق بالتعدد اللُّغويّ؛ إذْ تُعَدُّ التنوّعات اللُّغويّة ذات تأثيرٍ مباشرٍ في تعليميّة اللغة؛ نظرًا لما تحدثه من اختلاف في طبيعة الأنظمة اللُّغويّة، التي بدورها تُشكِّل الأساس الذي تُبنى عليه عمليّة تعليم اللغات، ويؤكد ذلك القاسميّ، بقوله: "إنَّ موضوع (طبيعة اللغة) يعنينا جميعًا، فأهميّته لدارسي اللغات منّا، كالعربيّة، والإنجليزيّة، والإسبانيّة، والفرنسيّة وغيرها، باديّة للأبصار لا تحتاج إلى مزيد إيضاح؛ فتعلُّم لغة ما _ أجنبيّة كانت أو قوميّة_ ينبغي أن يستند إلى فهم صحيح لطبيعة اللغة" (القاسمي، 2008، ص15) (alqasimi, 2008, p. 15).

    والمُلاحظ ممّا تقدّم، عنايّة القاسميّ بدراسة التأثير الذي تمارسه هذه التنوّعات في العمليّة التعليميّة، ومدى التقدُّم أو التراجُع الذي تسببه للمتعلِّم، والعمل على تشخيص أبعادها السلبيّة، واقتراح المعالجات التي تقلل من الضرر الذي تسببه، واستغلال المناحي الايجابيّة لها إن وجدت، ولاسيّما أنَّ تأثير ذلك يمتد إلى الأبعاد الاجتماعيّة، والنفسيّة لأفراد المجتمع كافة، وفي ما يتعلق بمجتمعنا العربيّ، وإدراكًا من القاسميّ بالخطورة التي تُشكلها حالة الفوضى اللُّغويّة التي يعاني منها حقل التعليم، نجده يُصرح بهذا الواقع، قائلًا: "إنَّ النُّظم التربويّة في البلاد العربيّة متخلفةٌ وبعيدةٌ عن الديمقراطيّة تمامًا، ولا تحقِّق المساواة في الفرص بين المواطنين. فهناك تعليم خاصّ، أجنبيّ في معظمه لأبناء النُّخبة، وتعليم حكوميّ سيء لأبناء عامة الشعب. وجُلّ المدارس الخاصّة لا تُدَّرس باللغة العربيّة، بَلْ بلغات الدوَّل الأجنبيّة التابعة لها. وهكذا فإنَّ أبناء النُّخبة يتلقونَّ ثقافةً أجنبيّةً بلغةٍ أجنبيّةٍ، وهم إمّا أن يشعروا بالاغتراب في مجتمعاتهم، ويهاجروا إلى الغرب، أَو يتولّوا الحكم في بلدانهم ولا رابطة تربطهم بمجتمعاتهم، ويغلب عليهم لا شعوريًا احتقار الثقافة العربيّة ولغتها، واحتقار الذات؛ ولهذا تستعمل كثيرٌ من عائلات النُّخب العربيّة الإنجليزيّة أو الفرنسيّة لغةً للتواصُّل المنزليّ مع الأطفال" (القاسمي، 2012، ص71/72) (alqasimi, 2012, p. 71/72)، لعل هذا الواقع المرير الذي ترزخ في ظله أنظمة التعليم في بلادنا العربيّة، خير دافعٍ لاستنهاض الطاقات العلميّة التي تُحقق النهوض بالواقع التعليميّ، بما يمكنها من معالجة المشكلات الناتجة عن التنوّعات اللُّغوية بشتى أنماطها.

المصادر والمراجع باللغة العربيّة

  1. ابن خلدون، عبد الرحمن، (1978)، المقدّمة، ط1، دار القلم، بيروت_ لبنان.
  2. بشر، كمال، (2005)، التفكير اللُّغوي بين القديم والجديد، دار غريب للطباعة، القاهرة. 
  3. بوتون، شارل، بلا تاريخ، اللسانيات التطبيقية، تر: قاسم مقداد، محمد المصري، دار الوسيم، دمشق.
  4. بورقيبة، لطفي، (2003)، محاضرات في اللسانيات التطبيقيّة، جامعة بشار، الجزائر. 
  5. بياجيه، جان،(2001)، اللغة والفكر عند الطفل، ط2، تر: أحمد عزت، النهضة المصرية. 
  6. جروجون، فرانسوا،(2017)، ثنائيو اللغة، ط1، تر: زينب عاطف، مؤسسة هنداوي، مصر.
  7. حجازي، محمود فهمي، بلا تاريخ، مدخل إلى علم اللغة، دار قباء للطباعة، القاهرة.
  8. خرما، نايف، وحجاج، علي، (1988)، اللغات الأجنبيّة تعليمها وتعلُّمها، عالم المعرفة، الكويت. 
  9. الخولي، محمد علي،(2002)، الحياة مع لغتين:الثنائية اللغويّة،ط1، دار الفلاح، الأردن.
  10. الراجحي، عبدة، (1995)، علم اللغة التطبيقي وتعليم العربية، دار المعرفة، الإسكندرية. 
  11. زكريا، ميشال، (1984)، الألسنية (علم اللغة الحديث) قراءات تمهيديّة، ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت_ لبنان.
  12. زكريا، ميشال، (1993)، قضايا ألسنيّة تطبيقيّة دراسات لغويّة اجتماعيّة نفسيّة مع مقارنة تُراثيّة، ط1، دار العلم للملايين، بيروت.
  13. السيّد، محمود أحمد،(2017)، طرائق تدريس اللغة العربية، ج1، منشورات جامعة دمشق.
  14. الشخص، عبد العزيز السيّد، (2012)، اضطرابات النطق والكلام، ط4، شركة الصفحات البيضاء المحدودة، الرياض، المملكة العربية السعودية.
  15. عبد العزيز، محمد حسن، (1983)، مدخل إلى علم اللغة، دار النمر، القاهرة_ مصر.
  16. عبد العزيز، محمد حسن، (2009)، علم اللغة الاجتماعي، ط1، مكتبة الآداب، القاهرة.
  17. العزاوي، نعمة،(2001)،مناهج البحث اللغوي بين التراث والمعاصرة، منشورات المجمع العلمي العراقي.
  18. علي، نبيل، (2009)، العقل العربي ومجتمع المعرفة، ج1، عالم المعرفة، الكويت.
  19. غارمادي، جولييت، (1990)، اللسّانة الاجتماعيّة، ط1، تر: خليل أحمد، دار الطليعة، لبنان.
  20. فتيح، محمد، (1989)، في علم اللغة التطبيقي، ط1، دار الفكر العربي، القاهرة.
  21. الفلاي، إبراهيم صالح،(1996)، ازدواجيّة اللغة النظريّة والتطبيق، ط1، ردمك، الرياض.
  22. فندريس،(2014)، اللغة، تر:عبد الحميد الدواخلي، محمد القصاص، المركز القومي للترجمة، القاهرة .
  23. الفيصل، سمر روحي، (1993)، اللغة العربية الفصيحة في العصر الحديث، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق.
  24. القاسمي، علي (المنسِّق) وآخرون، (1989)، المعجم العربي الأساسيّ، المنظمة العربيّة للتربيّة والثقافة والعلوم، تونس.
  25. القاسمي، علي،(2008)، علم المصطلح أسسه النظرية وتطبيقاته العملية، ط1، لبنان ناشرون، بيروت.
  26. القاسمي، علي، (2009)، لغة الطفل العربي دراسات في السياسة اللغويّة وعلم اللغة النفسي، ط1، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت_ لبنان.
  27. القاسمي، علي،(2012)، السياسة الثقافية في العالم العربي، ط1، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت.
  28. القعود، عبد الرحمن بن محمد، (1997)، الازدواج اللغوي في اللغة العربية، ط1، مكتبة الملك فهد الوطنيّة، الرياض_ السعودية.
  29. المسدي، عبد السلام، (1986)، اللسانيات وأسسها المعرفية، الدار التونسيّة للنشر، تونس، المؤسسة الوطنيّة للكتاب، الجزائر.
  30. الموسى، نهاد، (1987)، قضية التحول إلى الفصحى في العالم العربي، ط1، دار الفكر، عمان.
  31. نهر، هادي، (2011)، اللسانيات الاجتماعية عند العرب، دروب للنشر، عمان_ الأردن.
  32. هدسُن،(1987)، علم اللغة الاجتماعيّ، ط1، تر: محمود عياد، دار الشؤون الثقافيّة، بغداد.
  33. وافي، علي عبد الواحد، (2004)، علم اللغة، ط9، دار نهضة مصر.
  34. الودغيري، عبد العلي، (2014)، لغة الأُمّة ولغة الأمّ عن واقع اللغة العربية في بيئتها الاجتماعيّة والثقافيّة، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت_ لبنان.

البحوث المنشورة

  1. جلايلي، سمية، (2009)، حضور الدرس النفسيّ في اللسانيات، مجلة الأثر، الجزائر، ع (8).
  2. حتاملة، موسى رشيد، (2006)، نظريات اكتساب اللغة الثانية وتطبيقاتها التربويّة (القسم الأول)، مجلة مجمع اللغة العربية الأردني، ع (70).
  3. حجازي، محمود فهمي، (2013)، التخطيط اللغوي، بحث أُلقيّ في الملتقى التنسيقي للجامعات والمؤسسات المعنية باللغة العربيّة في دوّل مجلس التعاون في الخليج العربي، مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدوَّلي لخدمة اللغة العربية، السعودية.
  4. الخطيب، حسام، (1976)، هموم اللغة العربية في العصر الحديث، مجلة المعرفة، ع (178).
  5. الخولي، محمد علي،(1990)، تأثيرات الثنائية اللغوية، مجلة جامعة الملك سعود، ع (2).
  6. الطائي، نعمة دهش، (2013)، التشابك البنيوي بين اللغة والمجتمع دراسة سوسيولسانية، ضمن كتاب: انتظام المعرفة اللغوية.
  7. الطائي، نعمة دهش، (2017)، التنوُّعات اللغوية وطرائق استثمارها في تعليم اللغة العربية، ضمن كتاب: اللغة العربية حاضرًا ومستقبلًا: التحديات والتطلعات.
  8. العناني، وليد أحمد، (2019)، أثر تعليم اللغة الأجنبيّة في تعليم اللغة العربية وتعليمها في مرحلة الطفولة (دراسة نفسية تطبيقية)، مجلة جامعة أُم القرى، عمان، ع (23).
  9. القاسمي، علي، (2016)، التعريب والنظام التربوي والتنميّة البشريّة، بحث منشور في مجلة (حماسة)، ومقدّم لمؤتمر مجمع اللغة العربيّة بالقاهرة.
  10. لهويمل، باديس، وحسني، نور الهدى، (2014)، مظاهر التعدد اللغوي في الجزائر وانعكاساته على تعليمية اللغة العربية، مجلة الممارسات اللغوية، الجزائر، ع (30) .

 

 

Arabic References translated into English Language

 1. Abn Khaldun , Eabd Alruhmin , (1978) , Almqddmt , T 1 , Dar Alqalm , Beirut, Lebanon. 

2. Bashar , Kamal , (2005) , Altafkir Allughwy Bayn Alqadim Waljadid , Dar Ghurayb Liltabaeat , Al-Qahira'a. 

3. Butun , Sharil , Bila Tarikh , Allisaniaat Altatbiqiat , Tr: Qasim Miqdad , Muhamad Riad Almisri , Dar Alwasim , Dimushq. 

4. Bwrqibat , Ltfy , (2003) , Muhadarat Fi Allisaniaat Alttbyqyt , Jamieat Bashshar , Aljazayir. 

5. Byajyh , Jan , (2001) , Allughat Walfikr Eind Altifl , T 2 , Tar: 'Ahmad Eizat , Alnahdat Almisria'a. 

6. Jurujun , Fransuu , (2017) , Thanayiyu Allughat , T 1 , Tr: Zaynab Eatif , Muasasat Hundawiun , Misr. 

7. Hajaziun , Mahmud Fahamiun , Bila Tarikh , Madkhal 'Iilaa Eilm Allughat , Dar Qaba' Liltabaeat , Alqahirat. 

8. Kharmaan , Nayif , Wahajaj , Eali , (1988) , Allughat Alajnbyt Taelimuha Wtelumha , Ealam Almaerifa'a , Kuwait. 

9. Alkhuliu , Muhamad Eali , (2002) , Alhayat Mae Lghtyn: Althunayiyat Allghwyt , T 1 , Dar Alfalah , Al-Ardan. 

10. Alraajihi , Eubdat , (1995) , Eilm Allughat Altatbiqii Wataelim Alearabiat , Dar Almaerifa'a , Al-Iskandaria'a. 

11. Zakariaaan , Mishal , (1984) , Al'alsania (Elamu Allughat Alhdyth) Qara'at Tmhydyt , T 1 , Almuasasat Aljamieiat Lildirasat Walnashr Waltawzie , Beirut, Lebanon. 

12. Zakariaaan , Mishal , (1993) , Qadaya Alsnyt Ttbyqyt Dirasat Lghwyt Ajtmaeyt Nfsyt Mae Mqarnt Turathyt , T 1 , Dar Aleilm Lilmalayin , Beirut. 

13. Alsyd , Mahmud 'Ahmad , (2017) , Tarayiq Tadris Allughat Alearabiat , J 1 , Manshurat Jamieat Dimashq. 

14. Alshakhs , Eabd Aleaziz Alsyd , (2012) , Aidtirabat Alnatq Walkalam , T 4 , Sharikat Alsafahat Albayda' Almahdudat , Al-Riyadh , Almamlaka'a Alearabia'a Al-Saeudia'a. 

15. Eabd Aleaziz , Muhamad Hasan , (1983) , Madkhal 'Iilaa Eilm Allughat , Dar Alnamr , Al-Qahira'a - Misr. 

16. Eabd Aleaziz , Muhamad Hasan , (2009) , Eilm Allughat Alaijtimaeii , T 1 , Maktabat Aladab , Al-Qahira'a. 

17. Aleizzawiu , Niematan Rahim , (2001) , Manahij Albahth Allaghawii Bayn Alturath Walmueasirat , Manshurat Almjme Aleilmii Aleiraqii 

18. Eali , Nabil , (2009) , Aleaql Alearabiu Wamujtamae Almaerifat , J 1 , Ealam Almaerifa'a , Kuwait. 

19. Gharmady , Juliyt , (1990) , Allssant Alajtmaeyt , T1 , Tr: Khalil 'Ahmad , Dar Altaliea'a ,  Lebanon. 

20. Fatih , Muhamad , (1989) , Fi Eilm Allughat Altatbiqii , T1 , Dar Alfikr Alearabiu , Al-Qahira'a. 

21. Alfalay , 'Iibrahim Salih , (1996) , Azdwajyt Allughat Alnzryt Waltatbiq , T 1 , Radmak , Al-Riyadh. 

22. Findris , (2014) , Allughat , Tr: Eabd Alhamid Aldawakhilii , Muhamad Alqisas , Almarkaz Alqawmi Liltarjamat , Alqahirat. 

23. Alfaysal , Samar Ruwhiun , (1993) , Allughat Alearabiat Alfasihat Fi Aleasr Alhadith , Manshurat Aitihad Alkuttab Alearab , Dimashq. 

24. Alqasimiu , Eali (Almnsiq) Wakharun , (1989) , Almaejam Alearabiu Alasasy , Almunazamat Alerbyt Lltrbyt Walthaqafat Waleulum , Tunis. 

25. alqasimiu , eali , (2008) , Eilm Almustalah 'Asasah Alnazariat Watatbiqatih Aleamaliat , T1 , Maktabat Lubnan Nashirun , Beirut. 

26. Alqasimiu , Eali , (2009) , Lughat Altifl Alearabia Dirasat Fi Alsiyasat Allughawiat Waealam Allughat Alnafsiat , T 1 , Maktabat Lubnan Nashirun , Beirut, Lebanon. 

27. Alqasimi , Eali , (2012) , Alsiyasat Althaqafiat Fi Alealam Alearabii , T 1 , Lubnan Nashirun , Beirut. 

28. Alqueud , Eabd Alruhmin Bin Muhamad , (1997) , Alaizdiwaj Allaghawiu Fi Allughat Alearabiat , T 1 , Maktabat Almalik Fahd Alwtnyt , Alriyad - Alsaeudiat. 

29. Almasadiyu , Eabd Alsalam , (1986) , Allisaniat Wa'assaha Almaerifiat , Aldaar Altwnsyt Lilnashr , Tunis , Almuasasat Alwtnyt Lilkitab , Al-Jazayir. 

30. Almusaa , Nahad , (1987) , Qadiat Altahawul 'Iilaa Alfsha Fi Alealam Alearabii Alhadith , T 1 , Dar Alfikr , Umaan. 

31. Nahr , Hadi , (2011) , Allisaniaat Alaijtimaeiat Eind Alearab , Durub Lilnashr , Eimaana - Al'urdunn. 

32. Hdsun , (1987) , Eilm Allughat Alajtmaey , T 1 , Tr: Mahmud Eiad , Dar Alshuwuwn Althqafyt , Baghdad. 

33. Wafi , Eali Eabd Alwahid , (2004) , Eilm Allughat , T 9 , Dar Nahdat Misr. 

34. Alwadghiriu , Eabd Alealiu , (2014) , Lughat Al'ummt Walughat Alam Ean Waqie Allughat Alearabiat Fi Bayyatiha Alajtmaeyt Walthqafyt , T 1 , Dar Alkutub Aleilmiat , Beirut, Lebanon.

Research Published 

35. Jalayli , Smytan , (2009) , Hudur Aldars Alnfsy Fi Allisaniat , Majalat Al'athar , Al-Jazayir , E (8). 

36. Hatamalat , Musaa Rashid , (2006) , Nazariat Aiktisab Allughat Alththaniat Watatbiqatiha Altrbwy (Alqism Alawl) , Majalat Majmae Allughat Alearabiat Al'urduniyi , E (70). 

37. Hijaziun , Mahmud Fahami , (2013) , Altakhtit Allaghawiu , Bahath 'Ulqy Fi Almultaqaa Altansiqii Liljamieat Walmuasasat Almaeniat Biallughat Alearabiat Fi Dwwl Majlis Altaeawun Fi Alkhalij Alearabii , Markaz Almalik Eabd Allh Bin Eabd Aleaziz Aldwaly Likhidmat Allughat Alearabiat , Alsieudiat. 

38. alkhatib , husam , (1976) , Humum Allughat Alearabiat Fi Aleasr Alhadith , Majalat Almaerifat , E (178). 

39. Alkhuliu , Muhamad Eali , (1990) , Tathirat Thunayiyat Allughawiat , Majalat Jamieat Almalik Sueud , E (2). 

40. Alttayiy , Niemat Duhsh , (2013) , Altashabuk Albiniuiu Bayn Allughat Walmujtamae Dirasat Susyulsaniatan , Dimn Kitaba: Aintizam Almaerifat Allaghawiat. 

41. Altaayiy , Niemat Duhsh , (2017) , Altnwueat Allughawiat Watarayiq Aistithmariha Fi Taelim Allughat Alearabiat , Dimn Kitaba: Allughat Alearabiat Hadrana Wmstqblana: Altahadiyat Waltatalueat. 

42. Aleinaniu , Walid 'Ahmad , (2019) , 'Athara Taelim Allughat Al'ajnabiat Fi Taelim Allughat Alearabiat Wataelimiha Fi Marhalat Altufula (Drrasat Nafsiatan Tatbiqia) , Majalatan Jamieatan 'Um Alquraa , Umman , E (23). 

43. Alqasimiu , Eali , (2016) , Altaerib Walnizam Alturbuiu Waltnmyt Albshryt , Bahath Manshur Fi Majala (Hmas) , Wamuqadamat Lilmutamar Majmae Allughat Alerbytt Bialqahirat. 

44. Lhwyml , Badis , Wahusni , Nur Alhudaa , (2014) , Mazahir Altaeadud Allaghawii Fi Aljazayir Waineikasatih Ealaa Taelim Allughat Alearabiat , Majalat Almumarasat Allughawiat , Al-Jazayir , E (30).

 

 

 

 

 

 

      The Terminological Social Variations and Their Impact on Language Learning by Ali Al Qasimi

Research submitted by

Supervisor

Assist. Prof. Nima Dahash Farhan Al-Taie  PhD

muhajlkj5733@gmail.com

 

 

Researcher

Suhad Hassan Mutasher Alshammari

sohadhassan877@gmail.com

 

Abstract

In light of the great development achieved by social linguistics, through its work to diagnose social linguistic problems, and work to find solutions to them, it was able to impose its presence in the linguistic arena in a manner similar to eye, which made us stand on one of the most important issues affecting society at its core It is the issue of (educational learning of the language) and what linguistic variations have created that a society of societies is hardly devoid of its consequences and effects on them, these variations in their difference, whether they are within the level of linguistic singularity, or what was within the level of linguistic diversity, and its impact on learning Language will be the focus of our research, in light of the efforts of the Iraqi scientist, Dr. Ali Al Qasimi, who was known for his pioneering efforts in the field of language education, through his academic work in several Arab and foreign universities, which enabled him to see in practical terms the influence that societal linguistic varieties exert in the field of Educational language, and work to find remedies for the problems left behind.

Key words: Terminological, Social Variations, Language Learning, Linguistic Singularity, Multilingualism.

تقييم النص

يجب تسجيل الدخول أو التسجيل كي تتمكن من الرد هنا

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد ! كن أول المعلقين !

التعليقات

إدراج الإقتباسات...