عارياً في دهشتك، لا سياجَ ولا معرفةَ ولا كتف،
فقط الوقتُ بتمارينِهِ وحِيَلِه، الوقتُ الذي يبعثُكَ كلَّ مرةٍ في المرآةِ مثلَ قافيةٍ تتكرّر
مثلَ مزرابٍ يُنقّطُ في العتمة، حينَ كلُّ شيءٍ يكمُنُ في الإيقاعِ الذي يبعثُهُ المزرابُ من عتمتِه.
أنتَ المُصغي بدأَبٍ للإيقاعِ تلمَسُ في إصغائِكَ الطائرَ والغيمة، القرميدَ والريح، الحصى والحفرة، فطنةَ النهر وهواجسَ المجرى.
الإيقاعُ حجةُ الأشياءِ العظيمةِ وشغفُ الأقنعة.
كأنْ تجدَ نفسَكَ واقفاً بسجاياكَ كاملةً في مخيلةِ شاعرٍ لا يعرفُك في صوتِ امرأةٍ لا تراها عبَرَتْ إلى جانبِك
امرأةٍ بسيطة، ولكنها على نحوٍ لم تقصدْهُ، هيّجَتِ الضبابَ وتياراتِ النهرِ المتوارية.
ستذهبُ عكسَ الريحِ إلى السرِّ أيها النسّاجُ الماهر
عكسَ السنواتِ التي أكملت عملَها وجلَسَتْ في الظلّ
عكسّ النهرِ وعكسَ الفتيانِ الذين يحلمونَ بالنضوجِ دونَ شمسٍ ودون رحلة.
سيسألُكَ جارُكَ الذي ماتَ في الخريفِ الماضي:
إلى أين؟
- ذاهبٌ لأُصغِيَ إلى عجائبِ أبي.
وتسألُكَ الفتاةُ التي أحبَّتْكَ في شتاءٍ لم يحدث:
إلى أين؟
- نسيتُ ضحكةَ أُمّي على الشرفة.
ويسألُكَ شاعرٌ يُشبهك، أو هو أنت، إذا أردتَ الدقة، وصلَ لِتَوِّهِ في مركبٍ بُخاريّ:
إلى أين؟
- ذاهبٌ لأُوقِظَ حبيبي.
وتسألك امرأةٌ ساهمةٌ وهي ترتق جوربَكَ تحتَ ضوءٍ خفيف:
أين كنت؟
- أتبعُ الغيم. هل ما زالت تُمطِرُ هناك؟
- تُمطِرُ منذُ عقودٍ طويلةٍ هناك،
إنه يأتي، المطر، من البغتةِ ومن الإيماءاتِ القاتمةِ لـ"هيرودس".
شاعر فلسطيني
يجب تسجيل الدخول أو التسجيل كي تتمكن من الرد هنا
لا يوجد تعليقات بعد ! كن أول المعلقين !
لا يوجد اقتباسات