عذراء وَلود، سِفاح وغشيانُ محارم، إغتصابٌ وقتلُ الزوجة
يظن الناس، عندما يتعلق ألأمر بالجنس أنهم الأبرع خيالاً إذا ما قورنوا بغيرهم من الكائنات الحية . ولكن الجنس عندنا نحن البشــر سيبدو باهتاً إذا ما قارناه بالجنس في عالم الحيوان والكائنات الحية الأخرى .. حيث نجد ان هناك اتصالاً جنسياً والذكر بلا رأس، خنثى تستغرق وحدها جنسياً، ومداعبات تمتد إلى ستة أشهر .
هدف الحياة بسيط وهو كيف تتكون ثم تمتد كسلالة ونوع ..ولكـــن الطريقة التي تسلكها في تحقيق ذلك الهدف لهي أبعد ما تكون عــن البساطة، في المملكة الحيوانية على الأقل حيث التناسل الزوجـي كما نعرفه هو بالأحرى إستثناء أكثر منه قاعدة .
منذ ان وجدت الكائنات الحية، كان هناك أكثر من مجرد جنسـيـن في مستعمرات الكائنات الحية الدقيقة في الأوحال مثلا كان هـناك أكثر من 500 نوع جنسي لا ذكر وأنثى فقط .من القواقع مثلا (البزاق) ما هو خنثى أي ذكر وأنثى ككائن واحد . وهناك من الكائنات الحية كما يبدو قد ألغت، كلياً أو جزئياً، أو انعدم عندها الجنس الأحادي . وفي أصناف أخرى تقلص الذكر وصار ليس أكثر من جملة اعتراضية في استراتيجية التناسل والأنجاب أو ألغي دوره تماما ً .
القراضة (العثّة) تُغتصب وهي يرقة
تتكاثر إحدى فصائل الزواحف الركّاضة ذوات الأربع كعذارى ولودات، وتأتي صغارها نسخا ً حقيقية منها، وإناثا ً أيضا .. والغريب انها تتزاوج لتضع البيض تماما ً كما هو الحال عند الأنواع التي تتزاوج فيها الأنــاث مع الذكور . والأنثى التي تلعب دور الذكر، تغيّر الدور لاحقا ً وتلـعـب دور الأنثى حين تجد من يلعب معها دور الذكر وهكذا يأتي دورها وتضع بيضا ً وهذا ينطبق على الجميع .
يقترب نوع (السمكة - الضفدعة) من إلغاء دور الذكور، فالأناث من هذا النوع من الأسماك أكبر من الذكور بكثير وحيثما يجد الذكر انثى يعضها ويظل متشبثاً بها وبعد ذلك ينمو معها ثم يتضاءل أخيراً حتى يصبح مجرد كيس صغير، وظيفته الوحيدة في الحياة هي انتاج السائل المنوي، يتغذى من دم الأنثى، ولا يفارقها ليسبح وحده .
هناك تباين بين أصناف الخنثويات، فمعظمها يتزاوج مع قرين للأنجاب ولكن هذا يحدث بأشكال عديدة، ومنها من يغيّر جنسه برضاه إعجابــــاً بالمقابل، ويوجد من البزاقات ما يفعل ذلك، فتتكدس أعداد من هذا النوع بعضها على بعض بحيث تلعب البزاقات السفلى دور الأنثى وما فوقهـــا دور الذكر والذي يلعب بدوره دور الأنثى مع من هو فوقه وهكذا إلـــى الطابق العاشر احيانا .
إن تراصف البزّاقات الغرامي رومانتيكي تقريباً مقارنة بحيوانات أخرى تتزاوج بفضاضة كأحد انواع ذكور النحل الأمريكي الذي يشق شرانــق الخادرات حتى إذا خرجت طار معها بعيدا ليتزاوج معها، وهناك نوع من حشرة القراضة قد طوّر هذا الأسلوب إلى الحد الأقصى إذ ان الأنــاث لا تصل إلى مرحلة الخروج من الشرنقة أبدا، إذ يفتح الذكر ثقبا ً فــــي الشرنقة من أجل الأتصال الجنسي بالعذراء ومن ثم تضع بيضها وتموت دون أن تغادر شرنقتها
القرود تتسافد طول الوقت
ليست العملية الجنسية في كل ما تقدّم من حالات مهمة بحد ذاتها بل النتائج ولكن العملية الجنسية ذاتها هي التي تلعب لدى بعض مـن الحيوانات الدور الأبرز
فالسباع مثلا قد يصل عدد الأتصالات الجنسية في ما بينها الى 50 مرة في اليوم الواحد، بينما واحد في المئة فقط يخص التكاثر ويثمر أشبالا . ولكن هذه التزاوجات الكثيرة تمنح اللبوة فرصة اختيار الأسد الأقوى . مسألة القوة قد لا تدخل في الصورة عند أحد أنواع الضفادع الأسترالية ولكن يستطيع الذكر هنا على أي حال إظهار نشاطات جنسية متطرفة فقد لاحظ العلماء ذكوراً من هذا النوع تحاول ألأتصال الجنسي حتى مع القناني ومع النافق من الأناث وحتى مع سمكة الحوض الذهبية وهذه الأخيرة اختنقت لأن الضفدع سدّ خياشيمها من الجانبين .
وأخيرا فهناك أيضا حيوانات تغري المرء بالأعتقاد انها تتسافد لأنها تحب الجنس من أجل الجنس، (البونوبور) أو الشمبانزي القزم على سبيل المثال، يتخذ الجنس كرابط اجتماعي حيث يتواصل أفراد القطيع جنسيا ً طولاً وعرضا : إناثاً مع إناث، وذكوراً مع ذكور في حالة تعرّض القطيع لحالة فزع إذ يحتاج القطيع بعدها الى أمان وتبديد للفزع .
الفأر يحشو فتحة الأنثى بالمني (يختمها بالشمع الأحمر)
اياً كانت العادة الجنسية التي يكررها نوع ما فأن التناسل يبقى هو الهدف، لكن بالنسبة للذكر فأن المسألة ليست مسألة جينات فقط بل يجب ان تكون تلك الجينات (المورثات) جيناته هو تحديدا ً . لهذا فأن الذكر يكرّس الكثير من الجهد والوقت للأطمئنان على ذلك، أي ان يكون هو الأب وليس غيره .
استباقاً للحمل فأن الهورمونات أو لنقل حبوب منع الحمل هي الأطول والأكثر استعمالا . يمتلىء السائل المنوي لدى الكثير من ذكور انواع عديدة من الذباب والبعوض بخليط هرموني يجعل الأنثى عازفة عن المعاشرة بعد ذلك كليا ً
أما عند عناكب الآرجيرودز فلم يصل الأمر الى هذا الحد، إذ تبقى الأنثى مخدرة بسائل الذكر المنوي حتى انها تقع خارج الشبكة إذا ما حاولت الأقتراب من ذكر آخر .
ذبابة الموز تستعمل ما هو أشد تأثيرا ً، إذ ان السائل المنوي سام يؤدي الى موت الأنثى أخيراً، مفعوله البطيء يمهلها فقط حتــى تضع البيض، وهنا يكون الذكر قد وصل الى مبتغاه وهو أن يكون الأب الوحيد للجيل الجديد .
ذكور نوع آخر تزود إناثها بوسائل ابسط من الوسائل السابقة ولكن مفعولها أكيد في الوقت نفسه أو لنقل عنها : حزام عفة . في أنواع عديدة من الحشرات الى الحيوانات اللبونة، فإن السائل المنوي للذكر يتخثّر متصلبا ً بعد فترة من الوقت على فتحة عضو الأنثى التناسلي مانعا ً بذلك أية إتصالات جنسية تالية قبل ان يكون البيض قد تم تخصيبه، أما السائل المنوي عند الفأر فإنه يغدو شديد الصلابة ولا يمكن إزالته ( عن فتحة عضو الأنثى التناسلي ) دون أن تتعرض الأنثى الى جرح إنه من الصلابة بحيث ان شفرة للسلخ تنزلق عليه ولا تخدشه .
الحيامن تخترق ظهر الأنثى
إذا تعذرت الوسائل الكيميائية المعقدة على الحيوان، يبقى هناك دائما مخرج أكيد - العنف . إن التزاوج عند فصيلة ا solifugierشبيهٌ بالأغتصاب . إذ ان الذكر في هذه السلالات من العناكب الكبيرة يتشبث بأول وأفضل انثى يصادفها ويأخذها معه إلى جحره حيث يطرحها على ظهرهـــــا أرضا ً ويقوم بالضغط والدفع عليها من الخلف حتى تترقق قشرتهـــا الجلدية وبذات الطريقة يوسع فتحة عضوها التناسلي وبعد ذلك يقــوم بتخصيبها ثم يرميها بلا اي تهذيب مصطنع خارج الجحر.
الذكر من فصيلة vggelus
أشد احتراسا ً من ذكور المثال السابق وقضيبه على شكل ابرة وهذا النوع أبعد ما يكون في تخصيبه عن الرومانتيكية، إذ يقوم الذكر بغرز قضيبه لا على التعيين في جسم الأنثى ويعطيها حقنة، حيـث تقوم الحيامن بشق طريقها بنفسها الى البيوض داخل جسم الأنــثـى، وهذا ايضا هو الحال عند الحشرات المخملية، فالذكر هنا يعتــمــد أسلوبا متقدماً مقارنة ً بالمثال السابق، إذ يضع سائله المنوي على ظهر الأنثى حيث تقوم إنزيمات السائل المنوي تلقائياً بإحداث ثقب فــي ظهر الأنثى،فاتحة الطريق للحيامن كي تمر إلى مبتغاها.
بأكل الذكر تنتهي اللعبة
في كثير من الحالات فإن الذكر هو الذي يموت بعد انتهاء التزاوج . ولهذا سبب حياتي وجيه، إذا تنعدم الفائدة من وجود الذكر بعد إتمام التخصيب وبالتخلص منه تحصل الأنثى وصغارها القادمون، على مكان أكبر وغذاء أوفر .
ذكور النحل كمثال تستوفي هدفها بانتهاء التزاوج بل حتى انه يتم قتل الذكر في عملية التزاوج نفسها، إذ يوشك الذكر على الأنفجار في الذروة الجنسية حيث تنقذف اعضاؤه الجنسية خارج جسمه، الذكر الميت يُحمل بعد ذلك ويرمى بعيدا ً .
أنواع أخرى من الحيوانات لا ترى في ذلك إلا ّ تبديدا ً لمصدر غذائي مهم . فالأناث على أية حال بحاجة إلى طاقة إضافية كبيرة لأنتاج البيوض أو الصغار ولهذا فمن المستحسن أكل الذكر كله أو بعضه .
المثال الأشهر، حشرات (فرس النبي) إذ تقوم الأنثى بأكل رأس الذكر في عملية التزاوج ذاتها ولا يترتب على ذلك أي خلل لأن الذكر قادر على إنجاز عملية التزاوج دون رأس .
الكثير من ذكور بعض الحشرات يعيش في خطر، فلو أخذنا فصيلة (نحلة الذئب) وهو نوع من الدبابير التي تعيش على قتل النحل، فإن عملية التزاوج بالنسبة للذكر يمكن مقارنتها بلعبة الروليت الروسية إذ يحوم الذكر من أجل العثور على انثى للتزاوج فإن كانت الأنثى التي يصادفها غير ملقحة حتى الآن فليس هناك من مشكلة إذ يقومان بالتزاوج ثم يطير كل منهما الى شأنه، أما إذا كانت الأنثى مخصبة من ذكر آخر فأنها لن تكون راغبة في التزاوج وعوضا ً عن ذلك فأنها تقتنص الذكر لأستخدامه كغذاء لصغارها المقبلين .
الذكر: طبق الأرملة السوداء
إنثى العناكب لا تقضي وقتها في إطعام صغارها بل تأكل الذكر الساعي إلى التزاوج، فالأنثى من هذا النوع ترى ذلك سهلا، إذ يقفز الذكر إلى فمها بعد إنتهاء التزاوج . من النادر وجود رغبة في التعاون المشترك كهذه عند ذكور العناكب، إذ ان الغالبية قد طورت سلسلة من المراوغات للنجاة . الذكور والأناث من عناكب (تارانتيلا) متساوية تقريبا ً بالحجم، لذلك فإن الذكر من هذه الفصيلة قادر على تحييد كلاّبتي الأنثى، أثناء التزاوج.
وهناك انواع اخرى من العناكب تكون اناثها أكبر من ذكورها وهنا لا بدَّ من سلاح الحيلة، إذ يخاطب الذكر من هذه الفصيلة أدنى غرائز الأنثى، حين يأتي ومعه حشرة ملفوفة جيدا ً بخيوط، كهدية للأنثى وبينما هي منشغلة بفتح الهدية وأكلها، يقضي هو حاجته الجنسية منها ويولي هاربا ً بأسرع ما تستطيع أرجله الثمان على الحمل .
انثى العناكب الزاحفة لا تنفع معها الرشوة ولهذا يبحث الذكر عن حلول اخرى، فيقوم بربط الأنثى بخيوط دقيقة لأعاقتها عن الحركة وأخيراً يوثقها بحبال قوية على كل رجل من أرجلها وعلى كلاّبتيها أيضاً ومع ذلك فان على الذكر ان يسرع في الأبتعاد بعد التزاوج مباشرة لأن تلك (الحبال) تفقد مفعولها بسرعة وإذا لم يكن الذكر قد ابتعد قبل ان تكون الأنثى قد تحررت فإنه لا محالة من الميتين .
الجنس كمقامرة بالحياة نفسها موجود ايضا عندنا نحن البشر، الغيرة الزوجية مثلا ً والأيدز لكنْ مقارنة ً باساليب عالم الحيوان الوحشية، الدرامية والغرائبية فإن التطور في المادة الوراثية قد أثر على عملية التزاوج عندنا نحن البشر وجعلها مريحة ومسالمة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اولاف كاردنفورس
عن المجلة الدنماركية العلمية المصوّرة
يجب تسجيل الدخول أو التسجيل كي تتمكن من الرد هنا
لا يوجد تعليقات بعد ! كن أول المعلقين !
لا يوجد اقتباسات