في المدينة

في المدينة


كيف هي اضواء المساء في عينيك

كيف هي أعمدة النور في حيكم

كيف ترى الشارع و الشبابيك

و أبواب اللاجدوى و أسطح القرف

كيف تتثاءب أمام السرير البارد

مثل قلبي و أزهار النرجس عند عتبة الخريف

 

حدثني ليلاً

قبل إنتحار النجوم

عن نهر الحب الذي يسيل تحت جسدينا

حدثني بينما أطوي صفحات من الأرق

و تحت أبطي مدينة و مساء أرجواني

و حبيب دفن أصابعه بين خصلات شعري

بينما جسده في المدينة

و تفاصيله الأخرى في حقيبتي

 

حدثني قليلاً

كيف هو المساء في دفتر ذكرياتك

و كيف الصباح

كيف تكتب لقاءاتنا

و أقدامنا التي زرعناها على أطراف حكاية حزينة

ماذا يدور بخلدك عني الآن

هل أنا ..........

أم أنا ...........

أم أنني .........

 

سأعود إليك

من باب الطفولة أعود

عند مفترق الصبا ألقاك

في منعطف ليل بارد

لأزف إلى يديك سخونة قلبي

و أسرب إلى قلبك تنهيدة صدري

 

سأذهب إلى مدرستك الإبتدائية

سأقلب صفحات إضبارتك من الطفولة

سأبحث عنك من البداية

من كتاب القراءة و دفتر الإنشاء

و ألقاك مع النظرية النسبية الثابتة

سأبحث عنك بين قصائد المتنبي و المعري

 

سأعيد عجلة الزمن

سأفتش عن صور طفولتك

و على كتفك حقيبة ملئى بالركل و الحجارة

والعبث بظفائر البنات

سأطرق أبواب جيرانك و أسألهم عنك

سأسألهم عن حبيباتك

هل كن جميلات؟

أ كن مخلصات؟

أأحببنك مثلي بجنون؟

أ أحببتهن بتطرف كما أحببتني؟

 

سأبحث عن أمك لتحكي لي كيف خلقت في رحمها

و كيف حملتك تسعاً ، و هل كنت مشاكساً في بطنها؟

و هل ألمتها عند المخاض؟

و سأسألها كيف بدت السماء حين ولدت

و كيف بدى لها قرص الشمس حين ضحكت

و كيف كانت تعد النجوم و أنت محموم

 

و سأسألها كيف ولدتك و أرضعتك و حممتك

و كيف تعلمت الكلام؟

و سأسألها عن أول كلمة نطقتها

عن أول مكان وقفت فيه

عن أول دفتر مزقته

أول درج صعدته

لا أدري ماذا سأسلها بعد

 

من ثم أعود إليك لاهثة

لأقول أنني عزمت على أن أرتكب معك دهشتي الأخيرة

لأنفق عمري الآتي على شم راحة يديك

و أنت تمسح عن جبيني العرق

بعد عناق طال حتى إنطفاء الشمس خلف الدجى

 

نوفمبر 2007

من ديوان (طلاء الأظافر) مطبعة دار الحضارة، القاهرة

 

 

تقييم النص

يجب تسجيل الدخول أو التسجيل كي تتمكن من الرد هنا

التعليقات

قصيدة في غاية الروعة، كتبتها الشاعرة الرقيقة فينوس نيابة عن كل شخص تعلق بحبه الأول.. شكراً لكِ على هذه المشاركة القيّمة
جمعة عبدالله

24-11-2021 11:11

الشاعرة القديرة  فينوس

 

تساؤلات شفافة ومرهفة من اعماق الوجدان. تساؤلات مكتوية بنار البعد والحب. إنها تساؤلات مشروعة في رهافتها وشغفها المستعر بلهيب الشوق والحنين الى مدينة الأصل والولادة.

كيف هي الانوار؟ كيف هي الحياة الجارية؟

القلب، والروح، قبل ان تثوب الى السرير البارد، مثل ازهار النرجس على عتبة الخريف. 

هذا الشوق المرهف والمتلهف الى مدينة الاصل واحساس الروح يدق كما تدق عقارب الساعة، ولكن، لا سبيل لإرجاعه الى الوراء، إلا عبر شريط الذاكرة، في حكايات الطفولة في مراحلها الاولى، وما يدور في القلب من تساؤلات جوهرية. 

ان الايحاء البليغ في دلالته في الرجوع الى مراحل الطفولة الاولى يعني الرجوع الى النقاوة والطيبة في شغاف الوجدان العالقة بمرابع الصبا الجميلة، والزاخرة بالحياة والنشاط. 

لكن الحياة تركض بلهاث كالقطار السريع لا يمكن ايقافها. ولا يمكن إعادة أيامها التي مضت إلا بذكريات الحب والحنين والشوق. 

 

كيف هي اضواء المساء في عينيك 

كيف هي أعمدة النور في حيكم 

كيف ترى الشارع والشبابيك 

وأبواب اللاجدوى وأسطح القرف 

كيف تتثاءب أمام السرير البارد 

مثل قلبي وأزهار النرجس عند عتبة الخريف

 

 حدثني ليلاً 

قبل انتحار النجوم 

عن نهر الحب الذي يسيل تحت جسدينا 

حدثني بينما أطوي صفحات من الأرق 

وتحت أبطي مدينة ومساء أرجواني 

وحبيب دفن أصابعه بين خصلات شعري 

بينما جسده في المدينة 

وتفاصيله الأخرى في حقيبتي 

 

 

إنه المذاق الشفاف في طعم الشعر، الذي يختلج في الوجدان. 

 

تحياتي ودمتِ بخير وصحة

التعليقات

إدراج الإقتباسات...