لماذا انا لست رساما

لماذا انا لست رساما


لست رساما. انا شاعر.

لماذا؟ اعتقد انني افضل ان اكون رساما 

لكنني لست رساما. 

حسناً، على سبيل المثال، بدأ مايك غولبيرغ

برسم لوحة. ازوره زيارة مفاجئة.

يقول: "اجلس وتناول مشروبا."

اتناول مشروبا؛ نتناول مشروبا. 

ارفع رأسي. "لديك (سردين) فيها."  

"كانت بحاجة الى شيء فيها."

"اوه." امضي والأيام تمضي

وأزوره مرة ثانية. رسم اللوحة  متواصل، 

وأمضي وتمضي الأيام.

ازوره. اللوحة انتهت.

"اين (السردين)؟"

 

كل ما بقى مجرد حروف. 

يقول مايك: " كان ذلك كثير جدا."    

 

لكن أنا؟ في احد الأيام 

افكر بأحد الألوان: البرتقالي. 

اكتب بيتا عن البرتقالي. 

وفي الحال تمتلئ الصفحة بالكلمات، لا الأبيات.

ثمة صفحة اخرى. 

ينبغي ان يكون ثمة المزيد والمزيد، 

ليس من البرتقالي، بل من الكلمات. 

عن فضاعة البرتقالي والحياة. تمضي الأيام. 

ذلك حتى في النثر. انني شاعر حقيقي. 

قصيدتي اكتملت ولم اذكر البرتقالي بعد. 

انها اثنتا عشرة قصيدة. اسميها (البرتقال). 

وفي احد الأيام في احد المعارض

ارى لوحة مايك، تدعى (السردين).

 

           فرانك اوهارا (1926 – 1966) شاعر وناقد اميركي ينتمي الى (مدرسة نيويورك) وهي جماعة من الشعراء والرسامين والراقصين والموسيقيين الذي نشطوا خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي بمدينة نيويورك مستلهمين افكارهم من السريالية والحركات الطليعية المعاصرة، وقد وقف شعراء المدرسة على الضد من منطلقات مجموعة شعراء معاصرين لهم عرفوا بالمدرسة الاعترافية. بدأ اوهارا بدراسة الموسيقى والعزف على البيانو في جامعة هارفرد الا انه تحول الى الأدب ونال شهادة الماجستير فيه من جامعة مشيغان. بدأ نشر اشعاره في مجلة كلية هارفرد مع زملائه من شعراء المجموعة مثل جون آشبري وكينيث كوك. من عناوين مجموعاته الشعرية ((شتاء مدينة وقصائد أخرى)) 1951؛ ((برتقال: 12 قصيدة رعوية)) 1953؛ ((تأملات اثناء حالة طارئة)) 1957؛ ((قصائد على الغداء)) 1964 و ((قصائد حب)) 1965.

تقييم النص

يجب تسجيل الدخول أو التسجيل كي تتمكن من الرد هنا

التعليقات

جمعة عبدالله

12-02-2022 02:08

الاديب والمترجم الفذ ..........

هذه القصيدة تحمل مطبات وتأويلات شتى  والغاز سريالية ووجودية . وتدخلنا في الحدس والتبصر , ايهما الافضل الرسام أم الشاعر . هذا السؤال المعقد , اشبه بالحزورة :  البيضة من الدجاجة أم الدجاجة من البيضة ؟ , اذا اخذنا ان الابداع واحد , سواء كان : رسام . شاعر . روائي . مسرحي ........ الخ ولكن الاثنين الرسام والشاعر ادخلونا في اللغز السريالي /  الوجودي , ليس من ناحية الافضلية بين الاثنين , ولكن من الاهم لوحة السردين أم قصيدة أم قصيدة البرتقال وفضاعة الحياة .... اجد ان الطرفين ينظرون الى الحياة من منظور السريالية /  الوجودية . يعني ان ارسم لوحات السردين , فأنا موجود رسام حقيقي . ومن الطرف الآخر , أنا اكتب كلمات كثيرة مبعثرة عن برتقال , يعني أنا شاعر . باختصار انهما ( الرسام والشاعر ) يرون الواقع والوجود بمنظور سريالي / وجودي . ولكن اعتقد ان الحياة اوسع بالكثير من السردين واللون البرتقالي , او البرتقال . واعتقد باللغز السريالي طالما الشاعر عاش معاناة الحرب العالمية الثانية , قد يقصد باللون البرتقالي , بأن الحياة آنذاك من فضائع الحرب المدمرة جعلت الحياة شاحبة وجامدة مصفرة كلون الموت هو الاصفر أو البرتقال ,   اي ان الحرب جعلت الحياة فضيعة وهو يكره ذلك .......

تحياتي بارعتك في التنوع في الاختيار ,  في قصيدة تشحن الذهن بالتأمل والتأويل , كأنها اختبار سايكولوجي ...........

تحياتي ودمت بخير

أخي وصديقي العزيز الدكتور عادل صالح الزبيدي

شكراً على هذه الترجمة الجميلة والأختيارات النادرة..
تبدو هذه القصيدة للوهلة الأولى من قرائتها إنها مرصوفة كلامية، ولكن عندما نفكر بعمق عن مغزى هذا الكلام نجد تناص جميل بين فن التعبير بالكلمة وهو الشعر، وبين فن التعبير بالصورة وهو الرسم، فالشاعر اوهارا يحب الرسم ويفهمه جيداً، ولديه ملاحظات، لكنه ليس فناناً تشكيلياً، فقد وجد ضالته في الشعر، أما صديقه فيرى اسرافاً في التعبير باللون والصورة لو أنه رسم الكثير من سمك السردين في اللوحة.. أما صاحبنا الشاعر فقد كتب 14 صفحة لم يذكر فيها شيئاً عن اللون البرتقالي..

والغريب في الأمر، (وهنا يكمن مفتاح القصيدة على ما أظن) والمقصود منها إنهما أشارا لمحتوى العمل بالعنوان فقط.. 

دمت بخير وعافية وعطاء دائم أخي عادل

اخي وصديقي العزيز الأستاذ عامر كامل السامرائي

تحية الود والاعتزاز

يسرني استحسانك الترجمة والاختيار وارجو ان اكون دائما بمستوى ذائقة قراء آفاق معرفية والقائمين عليها.

دمت بكل خير وابداع اخي استاذ عامر..

زائر

20-02-2022 02:10

جمال مصطفى

13-02-2022 02:08

قصيدتي اكتملت ولم اذكر البرتقالي بعد.
انها اثنتا عشرة قصيدة. اسميها (البرتقال).

الأستاذ  عادل  صالح الزبيدي  صياد الفرائد
ودّاً                       ودّا

أبدعت  في الإختيار  وفي الترجمة  يا استاذ عادل .
هذه القصيدة  لا  يريد  شاعرها  سوى أن يبدع  شعراً  خالصاً أي انه  لعبَ وراوغ  وأشار بتلميح
إلى  اسلوبه في اجتراح الشعر  .
عند هذا الشاعر  لابد  للعمل الفني  من  كلمة أو شيء يحفّز على  الإبداع   ثم يتعهّد الفنان  بعد ذلك
بخلق العمل الفني  ( قصيدة ــ لوحة ــ لحن موسيقي  ــ  قصة )  بشكل تصاعدي  ولا يتوقف  هذا
هذا النمو التصاعدي  حتى اكتمال  ذلك العمل الفني .
هذا يعني ان السردين  والبرتقالي  ليسا  أكثر من  كهرمان  ذهني  يجتذب  اليه  كل ما يكتنزه الشاعر
من ذكريات  ومعارف  وأحلام  وصبوات  وتجارب  ليستخدم  كل هذا الرصيد  في  عمله الفني  .
شاعر هذه القصيدة  يلمّح  الى ان  لديه كمبدع تقنيات  تصلح منطلقاً  للإبداع  في الرسم وفي الشعر
ولكنه  شاعر  يرسم بالكلمات  .
يحتاج الرسام  شيئاً  من الموهبة الشعرية  كي يعنون  لوحاته  وتسمية اللوحات  هي  نقطة تلاقي الشعر
واللوحة في  فضاء  واحد  والموسيقي  هو الآخر يستعين بالشعر  أيضاً  في تسمية  إبداعه الموسيقى 
فلا  عجب إذا  قال شاعر القصيدة منتشياً  : انني شاعر حقيقي  , لقد استعار  الرسام  كلمة  سردين
من الشاعر  وأطلقها كتسمية  للوحته  الخالية  من السردين  وهذه اللوحة  تشبه  قصيدة  شاعرنا التي
لم يذكر فيها  البرتقال  ( باستثناء العنوان طبعاً ) .
القصيدة  الحديثة  لا  تعكس الواقع  ولا تحاكيه  بل  تخلق  واقعاً  وتجترحه اجتراحاً  , انها  اصطيادٌ  
حيٌّ ومباشر  من بحر الغيب أمام القارىء  .
دمت في صحة وترجمات  بارعة  يا استاذ عادل  , دمت في أحسن حال .
 

الشاعر والناقد الفريد جمال مصطفى

تحية الود والاعتزاز

استحسانك الاختيار والترجمة وسام اتقلده بكل زهو وفخار فهو يصدر عن عبقرية نقدية فضلا عن الشعرية، واقول ذلك دون ادنى احساس بالمبالغة مطلقا..

شكرا من القلب لكل حرف في تعليقك الثر . انك ببساطة يا أستاذ جمال تضع النقاط اياها على الحروف اياها. 

فتحية لقلمك النقدي الفذ

زائر

15-02-2022 02:05

فعلا التبس الغمر في البداية و اعتقدت ان السردين في الشراب.

لكن من الواضح انه كان يقصد الرسم او اللوحة.

اعدت القراءة ٣ مرات.

هناك تواصل حلمي بين الغرفة و اللوحة و الرسام و ضيفه.

اتعرف على هذا الشاعر لغول مرة.

شكرا. 

زائر

15-02-2022 02:07

جزء من متعة الشعر يكمن في التباسه علينا وادخالنا في انفاق اللغة ودهاليزها التي لا يعرف الطريق اليها غير الشعراء.

شكرا لتفاعلك مع النص..

زائر

18-02-2022 02:10

أنتقال سريع في الاحداث مابين رسام وشاعر ،وتمنيات كثيرة ضاعت بين فرشاة الرسم وحروف الكلمات.وهل لوحة السردين وكلمة برتقالي تمثل امنياتنا في أن نكون أو لا نكون؟

فيها."  

"كانت بحاجة الى شيء فيها."

هل الحياة لوحة تحتاج الى شيء كالسردين لكي يحكي قصة تحمل في طياتها غُربة وفراق؟ 

"كل ما بقى مجرد حروف"

الحياة كلوحة باقية والسردين ك ظرف طارئ باقي أيظا وسوف نستمر بكتابة اوراق اخرى وأخرى عن البرتقالي وكأن عجلة الحياة لن تتوقف ولكنها سوف تستمر بشكل مختلف. 

مودتي لشخصكم الكريم 

زائر

19-02-2022 02:05

صديقي العزيز الدكتور حميد طراد

تحية الود والاعتزاز

جزيل شكري لمتابعتك وتفاعلك مع النص وقراءتك المستبطنة

دمت بكل خير وعافية

التعليقات

إدراج الإقتباسات...