وقفة مع المجموعة الشعرية ( ارتطامات .... وغبار الأزمنة ) للكاتب مهدي قاسم

وقفة مع المجموعة الشعرية ( ارتطامات .... وغبار الأزمنة ) للكاتب مهدي قاسم


يتميز الكاتب والاديب الاستاذ ( مهدي قاسم ) بالنشاطات المتنوعة والمتعددة .   بالجهد المثابر الدؤوب  . فهو الكاتب المقال السياسي الوطني ,  بشكل يومي في موقع ( صوت العراق )  وهو الشاعر في القصيدة النثرية , والسارد في القصة القصيرة , والمترجم للنصوص الشعرية للشعراء من هنغاريا  ( المجر ). وهذه المجموعة الشعرية في القصيدة النثر , تنفض غبار الأزمنة  عن احلك فترة في تاريخ العراق . القصائد  كتبت في فترة 1985 - 1990 , أي أنها خرجت من جمهورية الخوف ,  والغبار الخانق آنذاك , وهي  تحمل روح شبابية متمردة على الواقع آنذاك , في لغتها الحادة في التناول والطرح في مواضيع رئيسية ساخنة مثل :  السياسية والجنس والحب  . نجده يطرحها بقوة , وخاصة أنه عاش تجربة حياتية بالمعاناة في بلدان عربية مختلفة بعد هروبه من جمهورية الخوف والرعب , فذهب الى لبنان واليمن حتى بعد ذلك استقر في هنغاريا ,  ووجد الحياة مختلفة. ولكن غبار الماضي وكوابيسه ظل حاملها كظله , غبار السنوات العجاف من الدمار والخراب . ومن هذا المفهوم نفهم  الغضب الشديد الذي يحمله ضد  الانظمة الطاغية والدكتاتورية ,  واولها النظام الدكتاتوري الساقط , الذي دمر العراق في حروبه العبثية و الصبيانية , اضافة الى سوط الإرهاب القاسي والشديد على المواطن  .  قصائده تحمل روح الشباب الذي خرج من عنق الازمات الحياتية المدمرة , ليدخل في طور حياتي جديد , لكن يبقى هاجس  الخوف والقلق  راسخاً في أعماقه, ولا يمكن أن تفتتها الحياة الجديدة في ملذاتها وشهواتها في الحب  الايروتيكي . ويبقى هاجس الوطن يحتل الموقع الأول في عقله وروحه في قصائده النثرية  , ويهزه الشوق والحنين , ويصب نار غضبه في  الحارق  على كل طغاة العالم . وهذه المجموعة الشعرية تحمل اللغة الحادة في الشطرين الحب ( الايروتيكي ) والجانب السياسة:

1 - جانب الحب الايروتيكي : بكل تأكيد متأثراً  في المناخ الجديد في رحلة الحياة ,  وهو يضع أمتعته في هنغاريا ومؤثرات الحياة المفتوحة في العالم الجديد .  الجسد والمتعة والسرير  للغزلان على ضوء الفجر ,   ليتذوق نبيذ الغزلان فيصبح الفم ساقية النبيذ , في نشوة الاشتهاء  . 

تشرقين فيَّ

عارية كجسد فجر

يعلو سريري

ببرار وينابيع

كأن عريكِ

مظلة ضوء تتفتح

بجزر

بغزلان

بطواويس .

-----------

أثقب فخار النبيذ

بين هضاب نهديكِ

فيستحيل فمي ساقية

وتخطفني السكرة إلى أبراج الأبدية

ليخضر جسدكِ بالزنابق

وأنا  بالطفولات ......

-------------------

المرأة في إشراقتها الأولى

كشمس  ربيع  وأول نجوم  فجر

المرأة في انطفائها الدائم

كمساء طول , متشحاً بالكآبة . 

 × التناقض الصارخ بين كرنفالات  المدن , تلك التي  زاهية بالجمال والعشاق والحب والجسد في الاشتهاء  والرغبة في صالوناتها برماح الرعشة .

تلك المدن التي كانت مثل كرنافالات

تمنح نفسها لعشاقها

مثل عاهرات بابليات ؟

النساء الحنونات اللواتي

كن يرفعن الجسد برماح الرعشة ؟

الأوقات الطيبة التي كانت

مثل كونتيسة ترفع أنخاب البهجة

في صالونات الرغبات ؟

 × وبين كرنافالات المدن في جنرالات الكوارث في حروبهم , التي تدفع مدنهم الى الخراب والدمار . وتكون مدن المجاعة والتوابيت .  تكون مدن المقابر .  لكن ثمة مدن تعلن عصيانها ضد الموت ,  ولا تريد أن يكون  مطافها الأخير المقبرة .

جنرال الكوارث حزين هذا المساء

لأن حربه قد أنتهت اليوم,

وهذا الأمر يضجره كثيراً ,

ففي ذاكرته مازالت

ثمة مدن تحن الى دمارها ......

بينما على مشارف قرى تلتهمها الجراثيم والمجاعة

تصطدم قطارات محملة بتوابيت تعلن عصيانها ,

لأنها حتماً لن تذهب  الى المقبرة

2 - الجانب السياسي :

هاجس الخوف والقلق يدق بقوة ,  بل يصهل بشدة داخل ذاته , حتى وهو في عرين الغربة ,  هاجس التوتر يرن بشدة وفي موته اليومي . وكل فجر هو ولادة جديدة .

بسياط من البروق

تقودين جياد الرعود

في حقول جسدي

لأستيقظ على حمحمات . وصهيل,

لأن موتي اليومي , هو قيامات دائمة

لابتهالات الفجر لولادة اليوم ,

في أسفاره الغامضة لختام المساء

وهو يجمع في سلته المثقوبة

كالآمال  والخيبات , 

ليرميه   لشحاذي القبور , لليل المتوتر

 × وكذلك هاجس الخوف من الغد , أن يعيد الخوف كوابيس الماضي ,  الخوف  من لا شيء ربما من المجهول . 

الخوف من الماضي بكوابسه  المندفعة ,

ومن المستقبل , لأنه غامض , وعديم الجدوى , 

الخوف ممن لا شيء , ومن شيء  مجهول لأنه سيباغتك مثل أفعى

أثناء سهومك في الاستغراق ,

الخوف من إمرأة , لأنك ستكون  محكوماً بعبأها ,

وخوف من أنك ستبقى بلا إمرأة ,

× هاجس الشوق والحنين على فجيعة العراق القائمة , وهو يتدلى من صنارة الألم , لا يصرخ ولا يستفيق , ماذا حدث للعراق ؟ يتساءل  بالدهشة . 

على مشارف لفجيعة مقيمة ,

تطلعت الدهشة الى العراق ,

وهو يتدلى من صنارة الألم ,

دهشت الدهشة مندهشة ,

وقالت : ما لهذا العراق

لا يصرخ , لا يستفيق ,

× الحالة المرعبة  في العراق , اصبحت  كالمطرقة تضرب الرأس للفجيعة , واصبحت الحياة مغلفة بالخوف حتى من النوم , خشية من مجيء  زوار الفجر .  انعدم الفرح من الحياة ,  واصبح الانسان كأنه مفطوم على الحزن المقيم , فالخوف والموت أصبح سمة الحياة ترافق الانسان منذ الطفولة كأنه مرمي  في زاوية الزمن المفقود , لذلك تصهل خيول الرحيل .

الخوف من الخوف , لأنه يجتاح دمك  قبل قهوة الصباح , 

ويطن في رأسك قبل كأس المساء ,

الخوف من النوم ,

لأنه يستحيل الى مشانق للنعاس :

الخوف من الحزن ,

لأنه طويل مثل ألم راسخ ,

الخوف من الفرح ,

لأنك مفطوم على الحزن المقيم ,

وحدة الموت لايثير الخوف ,

لأنه نديمنا المترصد

منذ الطفولة ,

وضيفنا المباغت ,

بدناميت  الوقت

وخيول الرحيل .

       جمعة عبدالله

تقييم النص

يجب تسجيل الدخول أو التسجيل كي تتمكن من الرد هنا

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد ! كن أول المعلقين !

التعليقات

إدراج الإقتباسات...