نور عاند غلس تغازله الحلكة

نور عاند غلس تغازله الحلكة


نور عاند غلس تغازله الحلكة

الحسين بوخرطة

في فجر يوم منحوس، وروحي تلاحق خطواتي لمعانقة باب المسجد، تقززت مشاعري، ليستسلم جسدي للرعشات المضنية، التي تتسابق وتتوالى بسرعة، غارسة مخالبها في مخيلتي لإرباكي. الغلس اجتاح موضعي المتحرك ببطء السلحفاة. ناداني صوت مكفهر يحذرني بالمآل المظلم. أصابتني الريبة والهلع، لتنتابني الحيرة في فهم السراب الليلي، المكتنف بالغموض الخانق للرؤية. الصدى يردد على مسامعي قدر انقسام الفضاء الجامع، وافتراق الأحبة، وبرودة حماس الانتماء. لا ينقشع في الأفق إلا ضياء فانوس المريد محاطا بأتباعه، خزنة الغنائم الغلاظ الشداد.

انغلقت الدروب، وضاق الأفق، وتكدس المستسلمون في نفق موحش. جبابرة الحراسة يصهلون في الوجوه الشاحبة. الخضوع للتنويم المغناطيسي والتفتيش شرط للعبور إلى الفضاء المعد بعناية للاستقبال والخندقة. شعر أهل العفة والمروءة، وأنا منهم، بتذمر شديد، واختاروا سبيل التعنت، لتواجههم لوح شارة تحذرهم من خطورة سراديب العبور البديلة. تقهقرت قواهم، ولفهم التذمر لفة الرغيف المزيت. قهرت إرادة التقدم إلى الأمام، وباتوا أقرب إلى الاستسلام للانتحار. أداروا رؤوسهم بتوجُّسٍ إلى الخلف، ورأوا فانوس المريد يتلألأ فوق رؤوس أهاليهم المكتظين في الطوابير الطويلة. تسمروا في أمكنتهم، وتغيرت أسارير محياهم، ليتطاير منها النور والحنان وعناوين مروءة الانتماء التي راكموها برا من المحيط إلى الخليج. انطوت أرجلهم بقوة حدة اليأس والضنى، جلسوا كل واحد منهم على ركبتيه، ورفعوا سبابات أيديهم اليمنى. والغلس تلاطفه وتغازله الحلكة، سطع نور لافت في الأفق، وأعدمت النية في القهقرى.

 

تقييم النص

يجب تسجيل الدخول أو التسجيل كي تتمكن من الرد هنا

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد ! كن أول المعلقين !

التعليقات

إدراج الإقتباسات...