قد نسكر مرةً

قد نسكر مرةً


قد نسكر مرةً

إلى صديقٍ، أيقظ الفرح الحزين

لم نلتقِ، وما زلنا، منذ أربعة عقود

قيس لطيف

 

وأنا أقرأ أو أكتبُ في خيالي البعيد

كنتُ أريد أن يقتربَ  مني ذلك الزمن

أن أمسكَ اللحظات وهي تتهاوى أعالي الروح

أن أمسكَ بيد ذاكرتي لتتفتّق شقوقها، تشتعلُ فيها الدموع

تتفتّح أبوابها العصيّة على كل آه ذُرفتْ

أسقي بها ذلك الصدى، وتلك الحجارة الصماء

تبوحُ لي عمّا غاب واندثر

كأصوات الظلمة حين يتسربلُ في طياتها دعاء

تبحثُ عن فم المدينة الذي ابتلع مصائرنا

وشحّ في عروقها الياسمين

نامتِ المدينة، وبقي الصمت يطوّح هذي الأعمار

وكلما صنعَ لي الضوء نافذة،

تُقرّبُ المجازات والاستعارات ما يشاء الرب مني،

أستكين

رويدا رويدا..

قلتُ : إذ كان طيفكَ عليّ يمرُّ ويتّسع

يوقظُ صباح الغرفة،

يقلّبُ الجرح

يخشى المكان نفسه من أعجب الذكريات   

لِما باب بيتنا القديم دافئا ما يزال !

لِما الحروب سيّجتْ كلامنا وجوعنا سنوات !

**

اقتربتْ شاشة العرض الآن  

وانمحى عنها السراب..

حاولتُ أن أجدكَ في المشهدِ

أو أجد المشهد فيك

لكنّي متراكما ما زلت في حبال الوهم المتراصفة

هي تنفلتُ مني، بل انفلتُ أنا منها صوبكَ

لتصحو نار العناق المؤجلة لأربعة عقود

شققن الدروب والغناء والكتب والهجرة والعناد

فلا تبكِ يا صديق و يا حبيب

فقد نضجتْ قهوة الصباح

والشِعر دمدم، أينع بما نشتهي

أو قد نسكر به مرّة .

فأطلق عصفورك في فضائهِ..

آه .....

لا تؤاخذني بما نسيتُ

 الفضاء ورقة !

نبذه حول الكاتب

شاعر وكاتب من العراق

تقييم النص

يجب تسجيل الدخول أو التسجيل كي تتمكن من الرد هنا

التعليقات

جمعة عبدالله

13-04-2023 04:03

الشاعر القدير الاستاذ زياد السامرائي صياغة شعرية مشبعة بالاحساس والشعور الذاتي من الاعماق , حقاً انها حالة مقلقة في سايكولوجية النفس , ربما تتيقظ في ايقاظها حالة الفرح او الحزن , حينما تبرق في الذهن والذاكرة , تذكر الاصدقاء والاحبة الذين انقطعت اخبارهم لسنوات طويلة , ويملكون نفس القواسم المشتركة في الثقافة والاحلام والامل , لكن نامت المدينة وطوتها النسيان والصمت . وخاصة مثل حالتنا في العراق اصبح مصيره بالحروب , يدخل ويخرج والحروب تلازمه كظله في الرفقة الابدية , والعراق والعراقي يخوض غمار الشتات والمنافي في المعمورة , ولا يملك سوى الحنين والشوق والاشتياق , ومتلهف للمواعيد المؤجلة بنار العناق والحب , باللقاء , وحتماً يتم اللقاء مهما طال الزمن , وكل الطرق تؤدي الى روما , ليس كما طريق ( ايثاكا ) تحرسه الوحوش والثعابين . فلابد لعصفور الشوق ونورس السلام أن يلتيقيان , ويكون طعم القهوة الصباحية حلو المذاق بدون سكرها , سكرها غمرة الفرح باللقاء . لتصحو نار العناق المؤجلة لأربعة عقود شققن الدروب والغناء والكتب والهجرة والعناد فلا تبكِ يا صديق و يا حبيب فقد نضجتْ قهوة الصباح والشِعر دمدم، أينع بما نشتهي أو قد نسكر به مرّة . فأطلق عصفورك في فضاءهِ.. آه ..... لا تؤاخذني بما نسيتُ الفضاء ورقة ! دمت بخير وعافية اخي العزيز ابا أحمد

الأديب المبدع والمترجم المثابر الجميل جمعة عبدالله

حياكم الله

ما زلت فرح بك يا أبا سلام .. كلما خط قلمك من أزاهير .. تنثرها
لكي نبقى نتأمل ما يهز مشاعرك وإحساسك بما تكتب لكي يكتمل
مشهدنا الإبداعي بك ومن مدادك.

محبتي الخالصة أبا سلام الورد.

أسعدني ايما سعادة ما كتبه شاعر جميل مرهف الحس

وصديق صدوق، عندما عاد بنا من بعيد.. من رماد الذاكرة والغربة

كطائر الفينيق ليبث الحياة في ماضٍ لما ينقطع عن حاضر .

عاد ليبوح بكل ما وددنا البوح به بعد أن راكم الزمن بصماته وشواهده الغائرة

في عمق الذاكرة ..، وكنا قد تخيلنا اننا بصدد بلوغ ضفافه ! ولكن، ويا لدهشتنا

ان تلك الضفاف كانت شاسعة ولا حدود لها ..

فما كان يدور بخاطرك صديقي الشاعر زياد هو ذاته ما كان يدور بخاطري

وها أنت ذا تكتبه وتظهره بحس الشاعر، وجمال مشاعره النبيلة .. وبعين الشاهد

الذي كان امتداداً أميناً لمرحلة انقضت ليس لنا إلا أن نكون محايدين أزاءها

اما اليوم ايها الصديق

فما زلنا نحتسي بشغف قهوة الصباح

ومازال الشعر يسكرنا

وتلك الموسيقى تطربنا ... نحن الأصدقاء

دمت متألقاً ومتميزاً

صديقي الشاعر زياد المحترم .

قيس لطيف

صديق الزمن الذي ولد هناك، ولا يريد أن ينفك الحبل السري منه .

صديق الحياة التي غادرتنا مبكرة ... لكننا أمسكنا بتلابيبها لنشقى .

صديق النشيد والمراثي والمنافي التي جعلت ظلالنا حطبا .

صديق الدهشة، حين يمرّ  لقائنا وهو يرمق العالم ويدوس على جمرة الأحداق.

 

محبتي الكبيرة 

التعليقات

إدراج الإقتباسات...