نشيد الأوجاع

نشيد الأوجاع


نشيد الأوجاع

 

شاسعٌ وكبيرٌ هو الفرق

بين أن يمرَّ عليكَ نسيم يُعيدُ هيئة رئتيك العليلة

يجوس صفحة من روحك

يتصاعد كرمقٍ من حياة الفردوس 

تؤمن بانك ستعيش به الى الأبد..

تشمّ الرحيق

هو زقزقة عصافير، هديل حمامات

يطلُّ من أعلى شرفةٍ لفؤادك الممهور بالشجن

يغمرُ هذا العزف

رويدا رويدا

أقداحا من نور في دمك

تشدّكَ وتُرشدكَ اليه، نجمة أو نجمتين

فوق رأسكَ نرجسة

تغلق بابها على ندى فضيّ

النسيم خياليّ

حروف وآيات لها طعم الحبيب

يُضحكُ القلب الشارد

يؤنّثه

يجعله جنينا في أحشاء سمائك

كمْ مرةٍ أدركُ أنها اللحظة الأبديّة من العمر المُباح

الطريق الأبيض الوحيد الذي أتذوق منه وجه التجلّي

يغسل القلب من الطعنات

ويشاكسه في عزلة

هي أغرب من أنين أيام

ألِفَتها جراء الحيّ.

وبين أن تمرّ عاصفة بتلابيبها الثقال عليكْ

تحصدُ مرابع خضرتك

وتنزعُ أوراق مرحك وحبر ماضيك

تحيلها مملكة من تراب

تنفض من يديكَ ثرى صلاتك

نقطة مشيئتك القديمة في خارطة ندائك الغريب

تمحو لذائذ حلم مقدّس لا يأتي

ولأنكَ لستَ من رُخامٍ أو حجر

وثوانيكَ ليستْ من خَلْق الرنين

وسخطكَ خال من قوس و سهام

ماذا تقطفُ إذنْ من  هذا الضريح

من هذا الداخل في غيمة الأماني

بعد أنْ طغى وصار السِرُّ مُتاح

أ تجفل من هذا العطش الجارف

والرمل المنهمر في فضاء خُطاك و تستكينْ !

عاصفة..

تمشي على باب غُربتك المُرّة

تأكل من عتبات نخلتك 

حتى آخر ملمس لوجه التوت في روابيك

تقترب وتنفرط من بعضها وتُبعِدني

تتماهى أعلى من الأهداب  

لسرٍ يغريها

*

شاسعٌ وكبيرٌ هو الفرق

بين أن يمرَّ بك نهر، على راحة يديه يغني القمر

يغزل بجدائله البيت العتيق

فيسقط بين قدميه تفاح القصيدة

ومن زجاج قلبه المفتوح

تستفيقُ فاكهة للشرفات حين الضحى ينحني اليه

لا تبخلْ أيها السنونو أن تمر بجناحيك

ولو كرمشة عين

حيث نرتمي في حضن النشوة بلا ذنوب

أنا وأنت

بين أن يزرع الطوفان أرض نوح

وأنتَ في سفينة أبيه 

تبحثُ عن سلام بدائي

ينجو منه الينا الليل بعيون جاحظة

وعرس مهذّب عابر بلا قتلى

أن يفور التنور في البعيد

ولن تجد من قصيدة تعصِمُك من بكاء

*

خالية تلك الآفاق

ولا من أجراس تهزَ فؤاد الزيتون

أن تكون القلعة  القديمة صالحة للإنجراف

هذا يعني أنّ نبرة الطين هي جوهر النبوءات

من أين ياتي حُبكَ باليُسرِ

وطعم العُسرة له خمس جهات !

 

نبذه حول الكاتب

شاعر وكاتب من العراق

تقييم النص

يجب تسجيل الدخول أو التسجيل كي تتمكن من الرد هنا

التعليقات

صديقي العزيز الشاعر الجميل

زياد السامرائي المحترم

قصيدة غاية في الروعة.. انها نشيد الأوجاع ونشيجها

المنبثق من أعماق القلب والمعبر عن آهاتهِ وأحزانه ،

ولا أظنها مرثية ما بعد التحولات والمتغيرات العاصفة ..

والتي تأخذنا معها في رحلة البحث عن ملاذات آمنة.. نرنو اليها معتقدين

ان فيها خلاصنا ... أو نبقى ندفع ثمن نكوصنا وقلة حيلتنا حيث اللاخيار !

أنه نشيد رحلة آلام البشرية منذ فجر التأريخ .

وهذا يذكرني بقصيدة للشاعر الراحل " محمود درويش " :

.. ثم أَصحو ، لا مدينة في

المدينة . لا " هنا " إلا " هناك " ولا

هناك سوى هنا . لولا السرابُ

لما مشيت إلى تلالٍ سبعة ...

لولا السراب !

دمت متألقاً ومبدعاً صديقي العزيز

زياد السامرائي

الصديق العزيز القاص المبدع قيس لطيف

حياكم الله

يسعدني ان تشاركني رأيك و رؤاك فيما أكتب ..

لكن ..  انما يدور في هذا الطيف الذي اسمه الحياة هو خلاصة كل شيء ورحمة كل شيء

وكلما دعتك طاقتك ان تقول شيء ما من كوة ذلك الطيف فافعل .. عسى ان تكون هي ما يفتش عنه البعض.

تقبل شكري و امتناني ومحبتي الخالصة التي تعرف.

جمعة عبدالله

05-04-2022 04:04

الشاعر القدير الاستاذ زياد السامرائي ...

سكبت اوجاع الروح والحياة في هذا الشغاف الشعري البليغ في صوره التعبيرية , حقاً ان الحياة والواقع فقد بوصلته ومعياره . بين تعلق  الروح لنسيم عليل يغطي احزانها في صفحة الروح , وبين القلب يتلقى الطعنات من كل جانب وصوب من العدو والصديق , كأنهما في تحالف في الطعنات الروح . بذلك يتيه الحلم والامل يصبح ادراج الرياح . ولا تشم من الحياة وسوى مرارات المعاناة في قطار العمر المباح لمشاق الحياة في كل الصعوبات  , حتى تلاحقك في العزلة والوحدة والوحشة , كأنها تطالبك بأخذ الثأر منك , لتجعل الحياة معزوفة أنين متواصل , تزفر بالعطش الجاف , كأن غربتك تمشي على حبل معلق. وصعب الوصول الى الضفة الاخرى , لذلك تبقى الروح والحياة معلقة , تواسها بتنبؤات  قديمة  ذهبت مع الريح , لتجرجر طعمها العسير . هذه زوابع نشيد الاوجاع منذ ان رست سفينة نوح في ارض الخراب والمعاناة . لتجعلك غريباً  حتى في وحدتك  , في العسر والضيق , في الحلم المر .....

تحياتي اخي العزيز أبا أحمد ودمت بخير وصحة

زائر

07-04-2022 04:08

الناقد الجميل و المترجم المثابر جمعة عبدالله

حياكم الله

شكرا من القلب أخي الكريم على ما جاء في تعليقك و طبيعة قرائتك المميزة لنصي المتواضع

والذي أسهم دون شك في تحرير الصور و العبارات التي فيه... و وضعها كثمار في شجرة النص.

أحييك و أثني على وجودك الطيب أخي الحبيب أبا سلام

دام ظلك و إبداعك بما تملك من عطاء و موهبة.

التعليقات

إدراج الإقتباسات...