-1-
بالفرنسية التي لا أفهمها، أو حتى بالعبرية أو بالإغريقية
خبرني عن سر هذه الجسور
خبرني من الذي أشفق على شرقي و غربي
على جانبي الطريق
من أشفق على غرقي و مد لي مسافة من اللقاء
حتى أغازل أسماك العشق الفضية
خبرني ماذا تخفي هذه الجسور بين شقوقها
من أغاني غابرة
و حكايا
قهقهات مرت تملأ ثقوبها، تغازل أقداماً تائهة
تعبر الفراغ لتلتقي بترنيمة إرتطام البحر بذاكرة خطوات
يناهز عمرها ألف قصيدة و
صفحات لا تحصى من الضياء
و سطور لا تعد من السواد
قل لي بالألمانية التي لا أفهمها
أو الصينية أو اليابانية
ماذا تصنع الجسور بعد غياب الشمس
ماذا تشعل لكي لا تنام أعمدتها من الخوف
ماذا تردد في العتمة من الآيات كي تطرد الشياطين و تجالس الإنتظار
ماذا تصنع في غياب الأسماك
لمن تحكي قصص الأقدام و الأحذية عبر الأزمان
بالفارسية التي لا أفهم إلا قليلها
أو حتى بالروسية أو التركية
أو بلغة خضار الأشجار
و تمتمات زهور الياسمين
خبرني
كيف كنت سأكتشف شغفي بالغرق
لولا صعود طرف فستاني ناصية جسر هرم
كيف كنت ساخترق صمت الماء لولا
مروري بجانب أحاديث الأسماك وهي تمشط شعر الموج
-2-
جرب أن تمشي بمحاذات جسر دون أن تتطأه قدماك
كأنك تمر بالقرب من قصيدة دون أن تقرأها
جرب أن تسبح في بحيرة دون أن تمرر جسدك من تحت جسر
كأنك تجالس حبيباً دون أن تلمس راحة يده
جرب أن تحلق بالطائرة من فوق جسر
كأنك سجين يمنعونك من دخول وطن
-3-
خبرني باللغة التي لا أفهمها
أهكذا بلا سبب،
تمشي مستوحداً حد الجنون
مستحضراً رائحة القبل
و عطر العناق
حد إنفلات الخطوات وإستيفاق الجسر تحت حافة فستاني؟
أهكذا بلا سبب... تقاطعني كل قوارير العطر في خزانتي
منذ أن علقت روح سمكة بظل فستاني
وأنا أمر بجانب ذلك الجسر الخرافي؟
أهكذا بلاسبب... تعلن مرورك الخرافي على آثار أقدامي
و تصرح بصعود أنفاس الأسماك لتختنق على جانبي الطريق؟
أهكذا بدون أي سبب
وبكل اللغات التي أفهمها و التي لا أفهمها
يتبعثر العطر و يتناثر نظري على أسفلت جسر
يوصل قلبي بشرق العشق و غرب الفراق؟
-4-
جرب أن تمشي على جسر خرافي بصحبة قصيدة
فتتعثر برائحة عشق قادم من أتون الجنون
جرب أن توقف الزمن و أنت تمشي بدون إتجاه
تتلوا على الغيوم أنشودة من إخضرار الموت
من الوريد إلى الوريد
جرب أن تتخلص من الجغرافيا
و تتقيء التأريخ
و تنسى الحقيقة
و تجاري شياطين عشقية
وتحيل الصحراء إلى جسور توصلك إلى رحم الأمان
جرب أن تمشي بمحاذاة جسر معتوه
وتتحسس قلبك، تجده مبتلاً حتى النخاع
جرب أن تمشي خلف طريق تسافر عليه الشهقات
مثلي تماماَ
لم أعد أحصي غرقي
أخجل من الوقوف بقلبي العاري
و جسدي المسافر فيك أمام المرآة
فبين الشروق و المغيب
كم من جسر ينبني و كم جسر تحت أقدامنا يتكسر
وكم جسر يتهدم حاملاً حكايا و زفرات
فلعلك تجرب أن تمشي بمحاذات جسر دون أن تتطأه قدماك
كأنك تمر بالقرب من قصيدة دون أن تقرأها
من أجل جسور أحلام مستغانمي
و ذلك الرجل الذي يعشق جسراً هكذا بدون سبب
يجب تسجيل الدخول أو التسجيل كي تتمكن من الرد هنا
24-11-2021 11:06
الشاعرة القديرة
نص شعري يحاجج قضايا العالم والوجود الحساسة التي تلعب دوراً حيوياً في حياة الانسان وعطائه الحياتي . فهذه القصيدة تتناول ركنين اساسيين من اركان الحياة وقضايا العالم البارزة هما : اللغة والجسور . فمن ناحية اللغة هناك تخبط وضبابية تعيق التفاهم والحوار بين الناس في لغة مشتركة . فكل فرد له لغة خاصة لا يفهمه الاخر , وبتنا نخلط الاشياء من هو الشرقي , ومن هو الغربي , واين يميل تعاطفنا وشفقتنا من الجانبين , فبينهما لغة مبهمة , كأنها تصرخ في فراغ, بذلك يشعر الفرد بالتخبط والمقت اللغوي الغير مفهموم , لا يؤدي الى السلم الاهلي . لذلك تتراكم معضلات العالم لانعدام اللغة المشتركة, , الكل يعزف على التناقض والتخبط كأنهما يتحاوران في لغة الطرشان .
أما مسألة الجسور , فهناك جسور شاخصة تملك عرق تاريخي والحياتي وعشقي ونضالي . رسمها رسام عاشق متطلع الى الحياة الرحبة . يريد من خلال رسم الجسور ان يترجم حياتها الفعلية آثارها العشقية , , لانها تملك خلفية عميقة تاريخية وتراثية وعشقية . فهي جسور الوطن مشت عليها الاقدام العاشقة نحو رحاب الوطن . اما الجسور الخرافية فقد شيدت كأنها اسوار تمنع الدخول الى الوطن . فهي جسور خالية من الاقدام العشقية خالية من الرائحة والعطر العشقي . خالية من الارث النضالي والتراثي والعشقي , فهي جسور كأنها سجون لا تفضي الى بر الامان , وانما هذه الجسور تنزع القلوب العاشقة وتمرغها بالوحل والضياع والتيه .
فسلام على جسور أحلام مستغانمي , فهي جسور الحقيقة والعشق والتراث رسمها رسام عاشق خاض غمار الحياة في كل اصنافها القاسية .
تحياتي ودمتم بخير وصحة اختي العزيزة
لا يوجد اقتباسات