ربما سأختفي فجأة / للشاعر المجري: أتيلا جوزيف

ربما سأختفي فجأة / للشاعر المجري: أتيلا جوزيف


ربما سأختفي فجأة،

مثل أثر الوحوش في الغابة.

لقد بددَّتُ كل ما لديَّ،

كل الذي كان ينبغي أن أبلُغه.

كان بدني لا يزال صبياً يافعاً

حين أذويته بدخان أكّال للعيون.

يفكك الحزن فكري،

لو أنني تَدبَّرت فيما انتهيت إليه.

 

نقشَ الحنين الذي ضاع مغترباً

أنيابه في مهجتي مُبَكّراً.

واليوم يضمني ندمٌ متذبذبٌ:

كان بإمكاني أن أنتظر عشر سنوات أخرى.

لم أعِ أبداً، حتى وإن كان تمرداً

مقاصد كلمات أمي.

حتى أضحيت يتيماً، ربيباً

و سَخَرتُ من معلِّمتي.

 

فُتُوَّتي، تلك البرِّيّة الخضراء،

حسبتها حرة وأبدية

والآن أستمع باكياً،

لصليل الأغصان اليابسة.

 

شاعر وكاتب مجري ولد في بودابست عام 1905 ومات منتحراً في عام 1937.

يعد واحداً من أهم شعراء المجر المعاصرين. بسبب قصائده وآرائه وحسه المتمرد طرد من الجامعة ومن الحزب الشيوعي المجري، وقد درس في السوربون وصار مترجما عن الفرنسية. في بدء حياته عمل في بيع الصحف وفي التنظيف وغيرها من الأعمال، لكن لاحقا جنى بعض المال من نشر أشعاره. كان يشكو من اضطراب عصبي وحالة أشبه بمرض الفصام، وانتحر تحت عجلات القطار وهو مايزال شابا. أقيم له نصباً بالقرب من مكان وفاته. يتم الاحتفال سنويا في ذكرى مولده بيوم الشعر المجري. وخصصت جوائز أدبية بأسمه.

تقييم النص

يجب تسجيل الدخول أو التسجيل كي تتمكن من الرد هنا

التعليقات

جمعة عبدالله

11-03-2022 03:04

الاديب والمترجم القدير الاستاذ عامر 

حقاً ان الاغتراب ليس هو فقط خارج الوطن , وانما انه ايضاً داخل الوطن ويكون اكثر قساوة ومرارة ومعاناة في الاغتراب داخل الوطن , لان الحنين والشوق للوطن يدفع البدن الى الضمور بالانهاك والتعب والارهاق , حتى لو كان يملك بدناً يافعاً بالعنفوان بالتمرد والعصيان .......

 القصيدة تحمل عدة تساؤلات توضيحية . لان القصيدة كأنها كتب في زمن التمرد والعصيان بالمقامة الشعبية والحركة الانصارية المسلحة على الاوضاع العامة السيئة  , لانها تتمرد على الواقع المأجور . وان الشاعر انتحر احتجاجاً على هذا الواقع الوخيم , كأنه يعيد انتحار الشاعر الروسي ( مايكوفسكي ) الذي اعتبره ( لينين ) شاعر الثورة السوفيتية . وانتحر احتجاجاً على الاوضاع في نهجها الدكتاتوري . وانه أخطأ الهدف في تمجيد الثورة البلاشفية . اما بالنسبة لهذا الشاعر الذي انتحر عام 1937 . ونعرف ان الحزب الشيوعي الهنغاري استلم الحكم بعد الحرب العالمية الثانية بواسطة الجيش الاحمر . هل هناك خطأ في تاريخ وفاته وانتحاره . ارجو ان توضح ذلك . ....... مع تحياتي الاخوية ودمت بخير وعافية

أخي وصديقي العزيز الناقد جمعة عبدالله

جزيل الشكر والتقدير على هذه القراءة المستفيضة لهذا النص الشعري المُترجم..

نعم أخي جمعة هذا الشاعر كان غريباً فعلاً في وطنه، فقد عاش فقيراً حياة صعبة جداً، ادت به رلى العزلة ومن ثم إلى الانتحار..

كان أتيلا جوزيف شاعراً ذا روح حساسة وكانت سنوات دراسته الجامعية في مدينة سيجد منهكة للغاية،  وهكذا عاش الشاعر في ظروف صعبة ثم أصبح أكثر اكتئابًا بسبب نشر إحدى قصائده الموسومة بقلب نقي (ترجمتها منذ وقت بعيد) والتي تسببت في طرده من الجامعة ومحاكمته، وكذلك طرده من صفوف الحزب الشيوعي المجري. والتي يقول فيها:

 

بلا أبٍ، ولا أم

ولا ربٍ، ولا وطن،

ولا مهدٍ، ولا كفن،

ولا قُبلةٍ، ولا حبيبة،

لليوم الثالث، لم آكل،

لا كثير، ولا يَسير.

أعوامي العشرون قُوْتي،

أعوامي العشرون للبيع.

وإذا لم يرغب بها أحد

فالشيطان سيأخذها بلا شك.

بقلب نقي سأسرق

وإذا اضطررت سأقتل.

يمسكوني، ويشنقوني،

وتحت التراب المبارك يدفنوني

وسينبت فوق قلبي البهيج

عشبٌ مميت.

القصيدة كتبها عام 1925، ثم ألحقها بقصيدة أخرى بمناسبة عيد ميلاده والتي هجا فيها رئيس الجامعة التي كان يدرس فيها بسبب توبخه له بسبب قصيدة (بقلب نقي)، والتي أثارت غضب استاذ اللغويات ورئيس الجامعة بشدة، طرد على أثرها من الجامعة، وتبع قرار فصله محاكمة تأديبية.

رداً على سؤالك أخي جمعة فيما لو كان هناك خطأ في التواريخ، أقول كلا، فمشكلة الشاعر لم تكن سياسية أبداً، ولم يعر أهمية كبيرة لطرده من الحزب، فمشكلته كانت في تهميشه، وفقره المدقع، وفشله العاطفي.

 

دمت أخي أبا سلام بخير وعافية وعطاء مستمر 

جمعة عبدالله

12-03-2022 03:08

عزيزي ابا عمر

يذكرني بحزن ومعاناة السياب الفقر والغربة والاهمال والحرمان , فقد طرد من وظيفته بسبب انتمائه الشيوعي , وبعد ذلك طرد من الحزب , حتى بمرضه ووحدته في الغربة لم يجد الدعم والعون من احد . اما بعد  موته يصبح محط انظار واهتمام , هذه العقلية العراقية .  هو حي تتناوشه الخناجر والسكاكين من العدو والصديق . وعند الموت يبجل ويكرم , قتلوا الامام الحسين , وعند موته يبكون وينحبون ويضربون الظهر بالحديد ويشجون الرأس . هذه مهزلة العقل العراقي في السخرية المضحكة ............

تحياتي

 

عزيزي أبا سلام

صدقت، فحياته، وطبيعة قصائده تتشابه إلى حد ما مع قصائد السياب.. تعرفت على أدب هذا الشاعر في نهاية سبعينيات القرن الماضي، حين وقع بين يدي مجموعة مترجمة، لا أتذكر بالضبط اسم المترجم، فبقي اسمعه عالقاً في ذهني، وحين وضع قدمي في بودابست عام 1980 كان أول ما فعلته هو اقناء مجموعته الشعرية الكاملة، ولازلت أحتفظ بها..
للأسف لم أقم بترجمة الكثير من قصائد الشاعر لطبيعتها الحزينة..

 

دمت بخير وعافية صديقي العزيز

التعليقات

إدراج الإقتباسات...