لينظر هكذا، كل من يريد أن ينظر

لينظر هكذا، كل من يريد أن ينظر


للشاعر المجري: شاندور تشوري

ترجمها عن المجرية: عامر كامل السامرّائي

 

أتْركُهُ بلطفٍ يتجعد،

هذا الوجه،

إذ لم تَشْججه شظايا، 

ولم تحْطِمهُ لكمات،

وما وطأته أرجل عناكب فَجّة.

دعه ينظر من يريد أن ينظر،

لذاكرة أوراق الكستناء

تُبلى في صمت،

ولهذه المدينة التي،

لفظتني، احتضنتني، خدعتني، طَوَّفتني.

عيناي على وجوه التماثيل،

مازالتا تهاجران إلى أبراجها

ثم من السماء تعودان لتريا نيراناً هامدةً

في قلعة المَلِك المُقْفِرة،

وحشداً من الدماء حول مجلس الأمة.

دع من يريد أن ينظر، أن ينظر لهذا

أطنان من عظام الصدغ

تتهادى نحو الظلام اليومي،

حتى قبل أن تضيء المصابيح -كقناديل تذكارية.

كان من الممكن هنا أن أكون آبقاً، تافهاً،

شاهد عيان على العالم

لكني اضحيت رفيق الكلمات، 

والعواصف الثلجية، والغيث المتلعثم

الذي حتى بعنق ملتو

سيظل يحْلُم بحلمه الذي لا يقايض:

يتأمل هذا القرن المعتل 

والحرية الواهية.

هنالك سنين قادمة، ربما لا تزال هنالك سنين قادمة،

ولمن يريد أن يراني

فليراني كما سـأبدو، واهناً وقوياً،

اخرجُ من تحت خيمة السماء إلى الأبد.

مصونة هي التجاعيد على وجهي 

كما تصان قصائد الشعراء

ولتغز العالم من بعدي!

وعسى أن تتوقف المدينة المتغطرسة ذات يوم،

في إخفاء حزنها الذي تنكر.

 

نبذة عن حياة الشاعر:

 

ولد الشاعر شاندور تشوري، في الثالث من فبراير من عام 1930. كان شاعراً وصحفياً وكاتب مقالات سياسية.

أكمل دراسته في الإعدادية البروتستانتية التصحيحية عام 1950، التحق بعدها بمعهد ألتا، لكنه ترك الدراسة بسب المرض. عمل في العديد من المجلات والجرائد مثل الجريدة الأدبية خلال الفترة ما بين 1953 و 1954، ومن 1955 إلى 1956 كان محرراً لقسم الشعر في دورية "الصوت الجديد". 

 ظهرت قصائده الأولى في عام 1953، مما أثار ضجة كبيرة وانتقاداً لعصر الرئيس راكوتسي. وسرعان ما لاحظت السلطات أن الشاعر لم يكن من أنصارها. ففي كتاباته كان ينتقد تأثير الديكتاتورية على شخصية الإنسان ومصيره خصوصاً على السكان في الريف. كان تحت المراقبة، بل استمرت مراقبته في بعض الأحيان لسنوات. لم يحصل على جوائز. عاش في بودابست، حيث كان يلتقي بأصدقائه، وبالأخص المخرج السينمائي المشهور ميكلوش يانتشو، والشاعر أوتو أوربان، وجورج كونراد، و فيرينس كوشا.

 

توفي الشاعر عن عمر يناهز 86 عاماً بعد صراع طويل مع المرض في 12 سبتمبر 2016.

تقييم النص

يجب تسجيل الدخول أو التسجيل كي تتمكن من الرد هنا

التعليقات

الحسين بوخرطة

31-07-2021 07:01

سيدي الأديب والمترجم الألمعي عامر كامل السامرائي ترجمة غاية في الجمال، تثري قاموس القارئ اصطلاحا ومعنى ومقاصد. أصل المحيى قدرته على التكيف بلطف مع العمر والطبيعة، يتجعد بلياقة ولباقة، ويصبو للحرية، ويقاوم شج الشظايا، وعنف اللكمات، وخشونة العناكب. تماثيل قاسية بلا روح. دماء وعظام أمام مجلس الأمة. وتبقى الكلمة مسدسا مخيفا للتسلط. حفظكم الله ورعاكم. معزكم أخوكم الحسين بوخرطة
الأديب الألمعي أستاذي الفاضل الحسين بوخرطة جزيل الشكر والتقدير على متابعتك القمية وترك انطباعك الجميل حول الترجمة.. النص المُترجم هذا فيه من الصور الواقعية ما ينطبق مع ما نعيشه اليوم في مجتمعاتنا العربية، وهذا ما يدفعنا أما للترجمة أو لتفاعل مع النص بشكل صادق. دمت أخي الحسين بخير وعافية وعطاء مستمر مع بالغ اعتزازي ومودتي
تصويب! كلمة "القمية" في التعليق جاءت بالخطأ والمقصود فيها "القيمة"

التعليقات

إدراج الإقتباسات...