ما عدتُ أحلمُ

ما عدتُ أحلمُ


تلاشى الخيالُ الأليفُ 

وغادرَ ذاكرةً في سُفُوحِ الوِسادهْ.. 

تغيّرَ ليلُ الدُخانِ ، 

وباتَ الظلامُ ظلاماً 

وتاهَ الحنينُ بمنفى الوجوهِ 

كشخصٍ أضاعَ بلادهْ.. 

وما عدتُ أحلمُ، 

ما عدتُ أرسمُ تحتَ مظلةِ هذا الخريفِ

 اشتعالاً فتيّاً يُعانِقُ عِطرَ المطر..  

وما عدتُ في أمسيات اشتياقي 

أغني لِتلكَ الدروبِ التي ارتشفتْ هذيان الشجر..  

وما عُدتُ أحيا 

وكلُّ الرسومِ التي وُلِدَتْ من خيالِ الطفولةِ 

غابتْ ملامِحُها تحت سرفات هذا الزمنْ.. 

******* 

أُفتشُ بينَ الخرائطِ عن رأسِ خيطٍ يؤدّي 

لذاكرةٍ هَرمتْ في المنافي 

أُفتشُ في معطفي عن هويّهْ 

وعن دفتر الخدمةِ العسكريّه 

وأبحثُ في رئتي عن وطن.. 

******* 

تحتَ نافذةِ الصبحِ 

أصحو كمن فاتَهُ موعدٌ 

أتذكّرُ أني بلا موعدٍ 

يعتريني الوَهَن..  

أُطلِقُ مِثلَ العجائز تنهيدةً: 

كيفَ مَرَّ الزمن؟!  

******* 

كُلُّ شيءٍ ضجيجٌ بطعمِ السكون..  

مزيجٌ من العبثِ المُبهمِ اللونِ  

لايتوقفُ هذا الجنون..  

وبين المحطاتِ ثمّةَ فسحة وقتٍ لنُحرقَ وقتاً جديداً 

وبينَ القطاراتِ نستبدلُ العُمرَ بالأُحجياتِ 

لِيمْضغها بَعْدَنا العابرون.. 

****** 

أُفتّشُ بين الخرائطِ عن مُدنٍ عَرَفَتْني 

أُحاوِلُ تأشيرها بالعلاماتِ 

أسقطُ مِنْ قلمي 

لستُ ألقى بهذي الخرائط غير السجون.. 

******* 

لم أعدْ أتذكّرُ أين وضعتُ الخيالَ 

على أيِّ سَفحٍ بهذي الوسادهْ.. 

وما عُدتُ أحلمُ 

ما عُدتُ أرسمُ 

تاهَ الحنينُ بمنفى الوجوهِ 

كمُغْتَرِبٍ قد أضاعَ بلادهْ..

تقييم النص

يجب تسجيل الدخول أو التسجيل كي تتمكن من الرد هنا

التعليقات

جمعة عبدالله

19-05-2022 05:01

الشاعر القدير الاستاذ قصي صبحي القيسي ........... الصورة الشعرية في صياغتها الملهمة في الابداع , تحمل دلالات ومعاني عميقة وبليغة في مدلولها , عندما تصاب رئة الوطن بالدخان والظلام , تزيد هموم واشجان الغربة والمنفى للمغترب في الغربة , تزيد لوعة الحنين بالوجع والحزن لوطن اضاع صوابه , ودخل في فصل الخريف الدائم , فما عادت امسيات الاشتياق إلا لوعة وحزناً لوطن اضاع بوصلته , وضاع في خرائط الزمن الموجع , مثلما المهاجر ضاع في محطات الغربة والمنافي , يبحث من محطة الى آخرى , والعمر يسير بلا توقف , يتلمس الوجوه في المنفى , كالمغترب اضاع بلاده ............ تحتَ نافذةِ الصبحِ أصحو كمن فاتَهُ موعدٌ أتذكّرُ أني بلا موعدٍ يعتريني الوَهَن.. أُطلِقُ مِثلَ العجائز تنهيدةً: كيفَ مَرَّ الزمن؟! .............. تحياتي صديقي العزيز

جزيل شكري ومحبتي واعتزازي استاذي وأخي الكبير جمعة عبدالله، دمتَ لي أخاً وأستاذاَ وصديقاً.

التعليقات

إدراج الإقتباسات...